و أنا أقول لك كيف تقول أن الفاتحة لا تثنى و قد روى سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) وفي رواية: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي).
فإن كانت نصفين قبلت أن تثنى أليس كذلك
ثم قولك
قال الله العلي العظيم. هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ.07.آل عمران. صدق الله الع_لي العظيم.
أخي إن الله نزل الوحي على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فأطلق عليه اسم -الكتاب- كما ورد في الآية المذكورة آنفا. منه آيات محكمات هن أم الكتاب.فأطلق علها اسم القرآن. وأما المتشابهات هن السبع المثاني. بدليل قول الله العلي العظيم. وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ.87.الحجر. وإذا سلمنا أنها الفاتحة كما قلت.فكيف يقول الله.فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِه. هل في سورة الفاتحة ما تطلب فيه الفتنة أو التأويل؟
.
فظاهر الأية يقول أن أم الكتاب آيات و ليس سورا .. و مفهوم السورة معلوم في القرآن كمفهوم الآية فافهم ترشد ..
ثم قولك أن الكتاب يحوي القرآن و القرآن لا يحتوي الكتاب فيه خلل .. لقوله تعالى:
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
و هنا سأسألك هل الآيات داخلة في الكتاب أم لا؟
و لعلك ستضطرب .. و لن تجد جوابا
و أنا أعطيك الجواب فافهم ترشد
أولا: هي منة من الله هذا الذي هدينا إليه .. و استجابة لدعوة سيدنا ابراهيم و سيدنا اسماعيل عليهما السلام من الله.
فكان الرسول من أنفسهم
يتلوا عليهم الآيات حتى إذا زكوا علمهم ما في الكتاب
فحصول التزكية بمنة الله تعالى لا تستوجب علم الكتاب كله ..
و أنت تر كيف آمن سيدنا عمر من آيات سورة طه .. و كيف أسلم علماء و عباد بعد سماعهم لآية أو آيتين ..
و حصول التزكية يستوجب الإيمان بكل الكتاب لا ببعض الآيات التي بها حصلت و يبينه قوله تعالى:
هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
فإذا آمن المرء بالكتاب سعى إلى علم ما فيه ..
فإذا تعلم مافيه حصل بذلك على الحكمة .. و الله تعالى أعلم.
و لعلك تنظر في قوله تعالى:
طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ
و قوله تعالى:
الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ
و يعضدنا في هذا النهج أيضا قوله تعالى:
قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ
و قوله تعالى:
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا
¥