أولا مثالك سخيف جدا، والشيء من مصدره لا يستغرب، ثم يمكننا التعبير عن التوأمين بأنهما متجانسان، ومتماثلان، ومتفقان، ومتقاربان، ومتشاركان، إلى آخر ما تحتمله اللغة العربية .. لكن لا يفقه ذلك من يجهل العربية.

والفاتحة فيها ثلاثة آيات فيها الثناء على الله. الحمد لله رب العالمين1.الرحمان الرحيم2.ملك يوم الدين3.والباقين إقرار بالعبادة ودعاء.

هذا من عظيم جهلك بدلالات اللغة العربية أولا ودلالات القرآن العربي العظيم ثانيا، فاللغة العربية دلالاتها متنوعة إلى دلالة مطابقة وإلى دلالة تضمن وإلى دلالة التزام، وقد تضمن القرآن العظيم جميعها، والفاتحة كلها ثناء على الله إذا اعتبرنا جميع هذه الدلالات، وقد استخرج الأئمة ذلك كما نقلت لك مثالا عن البقاعي صاحب التفسير القيم نظم الدرر، ولا عبرة بعد ذلك بمن يجهل اللغة العربية إذا صعب عليه فهم اشتمال كل آية من آيات الفاتحة على الثناء على الله سبحانه وتعالى، وإنكاره واستبعاده لتضمن كل آية من آيات الفاتحة الثناء على الله تعالى أو لزوم ذلك منها لا يعتد به، ولا يلقى له بال أصلا.

أما قولك كيف لم يصل إليها غيري من الناس؟ أقول لك.فوق كل ذي علم عليم.

كلام حق أريد به باطل؛ وذلك أن هذه الآية تتضمن مدح العلماء الراسخين الذين بينوا مناهجهم في درك العلوم وبسطوا معارفهم للناس وطرق وصولهم إليها، ولا تنطبق بحال على الجهلة الذي يدعون أنهم على شيء وهم يخالفون العلماء ولا منهج ولا طريقة لهم في استنباط العلوم سوى الدعاوى الكاذبة، كما تفعل أنت تماما في ادعاء تفسير آية بكلام ما أنزل الله به من سلطان، محتقرا جهود العلماء وحاسبا نفسك من المفسرين، وما أتيت إلا بمجرد طلسمات لا أصل لها ولا فصل.

هل ألغيت عقولنا؟

لو علمت معنى العقل لما قلت ما قلت، فإن العقل من شأنه أن يعقلك ويحسبك عن القول في كتاب الله بغير علم، ومن شأنه أن يعينك على فهم كلام المفسرين وفهم مناهجهم في التفسير، لكنه ما تورعت عن القول في القرآن بغير علم، وما فتحت عقلك لفهم كلام الأئمة، فعن أي عقل تتكلم، العقول مثل عقولك ينبغي أن تخضع للعلاج فإن لم تعالج فحري بها أن تلغى، فعقول الأنعام أحسن حالا منها.

لماذا ندرس إذا أليس لنتفكر في القرآن وفي الخلق وفي كل شيء يعترض سبيلنا.

وهل ظننت أن باب دراسة القرآن وتدبره مشرع لكل واحد وأنه يدخله الواحد بعد الواحد؟؟ هذا ظن كاذب، فإن القرآن لا يدرسه ويتفكر في معانيه حق التفكر إلا من استوفى 15 علما وأتقنها كما بين العلماء، ومع ذلك ينبغي أن يكون ورعا تقيا يحفظ حقوق العلماء ولا يكابر ولا يأتي بالكلام الساقط عن الاعتبار ويريد أن يجادل به أئمة العربية وهو كما تبين كتاباته يجهل مبادئ العربية، ولو أخرجت لك بعض أخطائك الإعرابية لاستحييت ـ إن كنت عاقلا ـ أن تكتب كلمة أخرى، فضلا عن أن تدعي أنك تفهم القرآن من خلال اللغة العربية، والحاصل أنك كما يظهر جليا لست من أهل دراسة القرآن واستنباط معانيه، والناس درجات، وأحسن ما يمكنك فعله الآن هو السعي في تقويم لسانك ومحاولة فهم مناهج العلماء في التفسير وفهم كلامهم.

وكيف تنكر حديثا للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتثبت حديثا في نفس الموضوع؟

هذا من تخيلاتك فحسب، وإلا فالسنة الصحيحة لا تتعارض ولا يضرب بعضها بعضا، نعم بعض الجهلة يتخيلون أن ثمة تضاربا وتناقضا، لكن الحمد لله الذي سخر العلماء لدفع تلك التوهمات والتخيلات، ولا يدعي التناقض إلا جاهل بتفسير الأحاديث وبحوث أئمة المسلمين في ذلك الشأن.

أما إن لم تفعل فتوخى الحذر في ما يصل إليك وأعمل فيه العقل فكل زمان مر بعد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم توجد فيه ما يوجد اليوم قليل الإيمان وكامله.وليس كل الرواة على كمال من التدين.

وهل تعتقد أنك جئت بشيء جديد؟؟ لقد قام العلماء المسلمون بجهود عظيمة في تبيين صحيح الأحاديث من غيرها، وعدلة الرواة من غيرهم بحسب جميع طبقاتهم، فهل تعتقد أننا اليوم وبعد أن تميز الحق من الباطل أكمل تميز واستقرت المناهج وتقررت في حاجة إلى مثل ملاحظاتك هذه؟؟ أما أنك تجهل جهود المسلمين في هذا الشأن فهذا شأنك الخاص، وما عليك إلا رفع الجهل حتى لا تتوهم أن المسلمين اليوم في حاجة إلى مثل ملاحظاتك هذه، وكان الأجدر بك أن تتهم نفسك ودينك حيث إنك تحاول إسقاط تفاسير باطلة على الآيات القرآنية، وهذا بلا شك من قلة الدين والمروءة.

والمفروض أني أحاور مثقفين متدينين في موقع أحترمه.

أنا أحترم من يحترم نفسه ولا يدعي شيئا أكبر منه بمراتب لا تحصى، وأحترم من يعرف قدره وطوره فلا يتعداه، ولا أحترم من لا يحترم القرآن العظيم، ولا أحترم من لا يحترم علماء المسلمين، ولا أحترم من يفقد أدنى مقومات البحث والفهم ثم يدعي أنه من العلماء الذين قال الله في شأنهم وفوق كل ذي علم عليم، كيف وأخطاؤه الدالة على جهله بأقل العلوم العربية ماثلة أمامنا؟؟ ولا أحترم من يدعي أن الطلاسم عمل عقلي مبني على منهج فكري، ثم لا يأتي بدليل معتبر على ذلك، ولا أحترم من ينكر حجية الأحاديث الصحيحة في تفسير وفهم معاني القرآن العظيم، ويدعي سفها أن الذين نقلوا لنا تلك الأحاديث لا عبرة بهم .. ولا أحترم من يرى معاني القرآن بعين واحدة ويقصي المعاني الصحيحة الأخرى لمجرد أنها لا توافق هواه وطلسماته .. والله تعالى يقول: (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة) فما عاملتك إلا بما تقتضيه هذه الآية الكريمة لأنك أسأت كل الإساءة فيما أتيت به، هذا إن اعتبرت أنت أني أسيء إليك، أما أنا فأعتبر أني ناصح لك لعلك تفيق وتدرك حالك ...

والله الهادي إلى الصراط المستقيم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015