الفائدة الأولى: عناية القرآن بقصة موسى، عليه السلام، وكثرة تكرارها، وتنوع عرضها.
الفائدة الثانية: إثبات صفة الكلام لله، سبحانه، بصفة المناداة, فهو يتكلم متى شاء كيف شاء بما شاء.
الفائدة الثالثة: أن كلام الله، عز وجل، متعلق بمشيئته؛ لأنه قال: (هل أتاك حديث موسى , إذ ناداه) , و (إذ) تدل على ظرفية زمنية, فهذا يدل على أن الله يتكلم متى شاء، خلافاً للأشاعرة، والكلابية، والسالمية، وغيرهم من فرق الصفاتية، الذين يقولون إن كلامه هو المعنى القديم القائم في ذاته، وليس من صفاته الفعلية, بينما يعتقد أهل السنة إن كلام الله قديم النوع، حادث الآحاد, فهو قديم النوع بمعنى أن الكلام صفة ذاتية له باعتبار أصله , ولكنه يتجدد باعتبار آحاده، وأفراده.
الفائدة الرابعة: فضل موسى، عليه السلام. ولهذا يقال: موسى الكليم.
الفائدة الخامسة: فضل وادي طوى وشرفه؛ لأن الله طهره فقال: (بالواد المقدس طوى).
الفائدة السادسة: قبح الطغيان وفاعله , (اذهب إلى فرعون إنه طغى) , فالطغيان مرذول، مذموم.
الفائدة السابعة: التلطف في الدعوة, لاسيما مع أهل السلطان , فلكل مقام مقال.
الفائدة الثامنة: بيان غاية الدعوة وثمرتها, (فقل هل لك إلى أن تزكى , وأهديك إلى ربك فتخشى) , إذاً غاية الدعوة التزكية, وثمرتها الخشية (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) , إذا أردت أن تقيس حالك فانظر خشية الله في قلبك. العالمون بالله حقاً هم أهل الخشية. لا تنظر إلى ما عندك من كتب, ودفاتر, بل انظر إلى ما في قلبك, فإن كان قلبك مخبتاً، خاشعاً لله عز وجل, فأنت من أهل العلم؛ لأن الخشية ثمرة هذا العلم. وإلا لا فائدة من كثرة المرويات, والمحفوظات، مع قسوة في القلب. وليس في هذا تقليل من أهمية التحصيل, ولكن على طالب العلم أن يوظف علمه في خشية الله, فإن العلم النافع، هو الذي يورث الخشية.
الفائدة التاسعة: تأييد الله تعالى لأنبيائه بالآيات, التي يسميها بعض العلماء المعجزات. فلما علم الله تعالى، أن من الناس من لا يستجيب إلا بآية ظاهرة، خارقة للعادة, أجرى على أيدي رسله هذه الآيات , ولم يكلهم فقط إلى مضمون الدعوة, بل نوَّع دلائل النبوة. وأعظم الأنبياء آية هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الصحيح (ما من نبي إلا وقد أتاه الله من الآيات ما على مثله يؤمن البشر , وإنما كان الذي أوتيته قرآن يتلى) , فأعظم آيات نبينا، صلى الله عليه وسلم، القرآن العظيم, آية خالدة , وها نحن نقرأ هذه الآيات العظيمة فنعجب، وننبهر، ونندهش من تأثيرها, ومعانيها, وحكمها.
الفائدة العاشرة: غلظ كفر فرعون, وشدة عناده. ولا يعلم أحد من البشر اشتهر بإنكار الربوبية مثل فرعون, فإنه أنكر ربوبية الله، وادعاها لنفسه, أنكرها بقوله: (وما رب العالمين) , وادعاها لنفسه في قوله: (أنا ربكم الأعلى) , فلذلك صار مضرب المثل في الكفر، الجبروت، والإلحاد.
الفائدة الحادية عشرة: شدة أخذ الله للظالم الطاغي, (إن أخذه أليم شديد).
الفائدة الثانية عشرة: وجوب الاعتبار, والاتعاظ بمصارع الظالمين, (إن في ذلك لعبرة لمن يخشى).
الفائدة الثالثة عشرة: أن الخشية سبب الانتفاع بالمواعظ, لأن صاحب القلب القاسي مهما رأى, ومهما سمع, ومهما وقع له, مقفل على قلبه, أما صاحب القلب اليقظ الواعي , الذي تسري فيه نسائم الخشية يتأثر, تأمل في حال أهل العلم النافع: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً , ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً , ويخرون للأذقان يبكون , ويزيدهم خشوعاً) , ما الذي أبكاهم؟ مجرد آيات طرقت أسماعهم , لكن هذه الآيات ليست مجرد حروف معجم، بل حروف ذات معاني , لامست أوتاراً حساسة في قلوبهم, فانفعلت تلك القلوب, وهملت تلك العيون, وخرت تلك الأعضاء خروراً، من أعلى إلى أسفل (يخرون للأذقان سجداً) يجعلون أذقانهم في الرغام إجلالاً لله, وخشية له,. وتأمل في حال مؤمني أهل الكتاب: (وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) , وأخبر الله تعالى عنهم في موضع آخر، فقال: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق , يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع
¥