نقل الشيخ عن ابن عطية كلامه في كفر الجحود ورده إلى معتقد المرجئة والأشاعرة في الإيمان،وفهم من عبارة ابن عطية: ((وأنا أستبعد العناد مع المعرفة التامة)) = ما عبر عنه الشيخ مساعد بقوله: ((فانظر كيف سلب ابن عطية ما دل عليه القرآن مع أن نص القرآن وظاهره يدل على أنهم علموا علماً يقينياً ولكنهم لم يؤمنوا))
وأخطأ الشيخ على ابن عطية في ذلك، وأبعد النجعة كذلك فأثر الإرجاء على التفاسير أوسع من أن يستدل عليه بهذا المضيق ..
ولا علاقة لهذا الموضع بإرجاء ابن عطية أبداً .. والأشاعرة جميعاً يثبتون كفر الجحود والعناد وليس هذا موطن نزاع بينهم وبين أهل السنة ..
ويكفي لتقرير ذلك أن إثبات كفر العناد ظاهر جداً في كلام ابن عطية وأمثل عليه بمثال واحد من أمثلة متكررة
يقول ابن عطية: ((وروي أن قريظة والنضير وجميع يهود الحجاز في ذلك الوقت كانوا يستفتحون على سائر العرب، وبسبب خروج النبي المنتظر كانت نقلتهم إلى الحجاز وسكناهم به، فإنهم كانوا علموا صقع المبعث، وما عرفوا أنه محمد عليه السلام وشرعه، ويظهر من هذه الآيات العناد منهم، وان كفرهم كان مع معرفة ومعاندة)).
فإن قلتَ: فما وجه كلامه هاهنا؟؟
قلنا: أصل ذلك أنه يرد على من قال: ((المعرفة تقتضي الإيمان والجحد يقتضي الكفر، ولا سبيل إلى اجتماعهما)).
وليس هذا قول الأشاعرة بل هذا مقتضى قول الجهمية الخلص ... والأشاعرة يردون عليهم بإثبات الشرع لكفر الجحود ..
لكن نظر ابن عطية نظراً في الجمع بين الأدلة فقاده إلى أن الجحود إنما يكون مع المعرفة الناقصة واليقين غير التام ولا يكون مع المعرفة التامة المستلزمة للتصديق ..
وإذاً: فليس هناك نزاع في أن ابن عطية مرجيء،وإنما الكلام في مسألتين:
الأولى: خطأ استفادة الدكتور من هذا الموضع أن ابن عطية لا يثبت كفر الجحود والعناد.
الثانية: أن كلام ابن عطية في ضبط كفر الجحود ومتى يكون وهل يقع مع المعرفة التامة أم لا يقع إلا مع معرفة ناقصة مقترنة بالحسد وهل هو بعيد وقوعاً= كل ذلك إنما هو من البحث في الأدلة وفقهها وفقه أحوال الناس وتصور ما يقع منهم ولا شك أن لنفسيتهم الإرجائية أثر في هذا البحث لكن لا يُعد ذلك الإرجاء أصلاً للبحث،بل يتصور وقوع نفس قول ابن عطية من رجل من أهل السنة؛ فهو لا ينفي وقوع كفر الجحود والعناد ولكنه يستبعد وقوعه مع المعرفة التامة بالله والرسول تلك المعرفة التي تُخضع القلب لسلطان الحجة.
ـ[محمد براء]ــــــــ[15 صلى الله عليه وسلمug 2009, 11:13 ص]ـ
هذا التمثيل كرره الدكتور في شرح مقدمة التفسير.
وقد أرسلت له رسالة فيها ملاحظات على التمثيل به، لعل في نقلها فائدة.
حول كلام الإمام ابن عطية في كفر الجحود
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الدكتور مساعد الطيار حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن تصلكم رسالتي وأنتم في احسن حال.
كنت أقرأ في شرحكم على رسالة شيخ الإسلام في أصول التفسير، واستوقفني ذكركم كلاما للإمام ابن عطية رحمه الله تعالى في كفرالجحود ضمن نماذج على الخطأ في الاستدلال بسبب بدعة يعتقدها المفسر ثم يسلب لفظ القرآن ما دل عليه بسببها.
وقد قرأت كلام ابن عطية الذي نقلتموه عنه، ثم رجعت إلى تفسيره.
وعندي هذه الملاحظات:
- قلتم ص203 بعد نقل كلامه: " فانظر كيف سلب ابن عطية ما دل عليه القرآن مع أن نص القرآن وظاهره يدل على أنهم علموا علما يقينيا لكنهم لم يؤمنوا ".
قلت: ابن عطية مقر أنهم علموا ذلك علما يقينيا كما صرح به بقوله: " هؤلاء الكفرة كانوا إذا نظروا في آيات موسى عليه السلام أعطتهم عقولهم أنها ليست تحت قدرة البشر وحصل لهم اليقين أنها من عند الله تعالى " لكن الذي ينفيه ابن عطية هو أن يستمر هذا اليقين معهم قال: " فيغلبهم أثناء ذلك الحسد ويتمسكون بالظنون في أنه سحر وغير ذلك مما يختلج في الظن بحسب كل آية، ويلجون في عماهم فيضطرب ذلك اليقين ويدفعونه في كل حيلة من التحيل لربوبية فرعون وغير ذلك، حتى يستلب ذلك اليقين أو يدوم كذلك مضطرباً، وحكمه المستلب في (وجوب) [في شرحكم " وجوه" ولعله خطأ] عذابهم ".
¥