ـ[حمد]ــــــــ[14 Jul 2009, 08:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
قال القرطبي في تفسيره لسورة الرحمن:
وقال ?بن جريج: هي أربع: جنتان منها للسابقين المقرَّبين {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} و {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}، وجنتان لأصحاب اليمين {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} و {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}. وقال ?بن زيد: إن الأُوليين من ذهب للمقرّبين، والأُخريين من ورِقٍ لأصحاب اليمين.
قلت: إلى هذا ذهب الحَلِيميّ أبو عبد الله الحسن بن الحسين في كتاب (منهاج الدين) له؛ و?حتج بما رواه سعيد بن جُبير عن ?بن عباس {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} إلى قوله: {مُدْهَآمَّتَانِ} قال: تانك للمقرَّبين، وهاتان لأصحاب اليمين. وعن أبي موسى الأشعري نحوه. ولما وصف الله الجنتين أشار إلى الفرق بينهما فقال في الأُوليين: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}، وفي الأُخريين: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} أي فوّارتان ولكنهما ليستا كالجاريتين لأن النضخ ذون الجري. وقال في الأوليين: {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} فعمّ ولم يخصّ. وفي الأخريين: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} ولم يقل من كل فاكهة، وقال في الأوليين: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} وهو الديباج، وفي الأخريين {مُتَّكِئِينَ عَلَى? رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} والعبقرِيّ الوَشْي، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف كِسَر الخِباء، ولا شك أن الفرش المعدّة للاتكاء عليها أفضل من فضل الخِباء. وقال في الأوليين في صفة الحور: {كَأَنَّهُنَّ ?لْيَاقُوتُ وَ?لْمَرْجَانُ}، وفي الأخريين {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان. وقال في الأوليين: {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} وفي الأخريين {مُدْهَآمَّتَانِ} أي خضراوان كأنهما من شدّة خضرتهما سوداوان، ووصف الأوليين بكثرة الأغصان، والأخريين بالخضرة وحدها، وفي هذا كله تحقيق للمعنى الذي قصدنا بقوله: {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} ولعل ما لم يذكر من تفاوت ما بينهما أكثر مما ذكر.
فإن قيل: كيف لم يذكر أهل هاتين الجنتين كما ذكر أهل الجنتين الأوليين؟ قيل: الجنان الأربع لمن خاف مقام ربه إلا أن الخائفين لهم مراتب، فالجنتان الأوليان لأعلى العباد رتبة في الخوف من الله تعالى، والجنتان الأخريان لمن قصرت حاله في الخوف من الله تعالى.