ثم (الوجودية البدوية) التي تكفل بنقلها مع نزعتها الإنسية عبد الرحمن بدوي، وأجرى مقارنات بين الإنسان الأوحد في الوجودية والإنسان الكامل في الفلسفة الصوفية.
ثم كانت (الفيورباخية) التي قام بإسقاطها حسن حنفي على العقيدة الإسلامية والفكر الإسلامي. وقد تم تفسير الوحي طبقاً لذلك عند بعضهم من خلال منهج شعوري وعند آخرين من خلال منهج غير شعوري، وكلا التفسيرين لا يعترف إلا بالمحسوس ويتجنب الحديث عن الغيب أو المفارق.
والأصل الثاني هو (النزعة الماركسية) التي استقطبت أكثر العَلْمانيين العرب وقد تم من خلالها تفسير الوحي والألوهية والتاريخ الإسلامي والسيرة النبوية ثم القرآن الكريم.
والأصل الثالث هو (الهرمنيوطيقا) ولعلها أخطر ما يتصل بتفسير النصوص عموماً والنص الديني خصوصاً، وقد اعتُبرت (الهرمينوطيقا) نقطة بدءٍ أصيلة لتفسير القرآن الكريم، وقد حاول البحث أن يكشف عن التواصل بين التأويل (الهرمنيوطيقي) والتأويل (الغنوصي)، والجامع بينهما هو مبدأ التناظر وما يسميه (إمبرتو إيكو): مبدأ الانتقال المزيف حيث تكون هواجس القارئ وانطباعاته وتداعياته الفكرية والشعورية هي الأساس الأول في أي عملية تأويل.
وفي الفصل الأخير من هذا البحث حاول الباحث أن يبين الانعكاسات الخطيرة للقراءة التاريخانية العَلْمانية للقرآن الكريم، وأول هذه الانعكاسات هو هدم قداسة القرآن الكريم وإعجازه وتفرُّده ودمجه في إطار النصوص البشرية والمحرفة، وقد كان ذلك نتيجة للإصرار العَلْماني على زحزحة الثوابت، والإلحاح المستمر على زعزعة الأصول، وخلخلة العقائد، وهذه المصطلحات - أعني: الزحزحة والخلخلة والزعزعة - هي مصطلحات عَلْمانية يتم تكرارها دائماً في بنية الخطاب العَلْماني بوصفها أهدافاً أساسية لتحقيق مشروعه في النهضة.
أما مآل الإسلام فقد طوته التاريخية؛ إما تحت عبثية الحداثة، أو تحت معاول الهدم والاجتثاث، أو تحت مقصات التشتيت والتشطير، أو تحت دوامة النسبية والصيرورة. ولم يبقَ من الإسلام القرآني المحمدي إلا الاسم، بل إنه حتى اسم الإسلام يفضل التخلص منه؛ لأنه بنظر الخطاب العَلْماني لفظ تقليدي لم يبقَ له رصيد نفسي لدى الجماهير وعلينا أن نستخدم لفظ (التحرر) مثلاً أو (الأيديولوجيا) عوضاً عنه.
وهكذا يبرز الدين العَلْماني الجديد المنفتح الذي يقبل كل الناس تحت جناحيه المطاطين إلى ما لا نهاية، ويستوعب كل الأفهام. إن الدين الجديد له أركانه العصرية؛ فالشهادة ليست هي شهادة (أن لا إله إلا الله) وإنما الشهادة على العصر، والجزء الثاني من الشهادة ليس ضرورياً لأنه أضيف إلى الأذان فيما بعد.
أما الصلاة فليست واجبة، وتغني عنها رياضة (اليوغا)، والصوم يحرم على المسلمين اليوم؛ لأنه يقلل الإنتاج، والحج يغني عنه الحج العقلي، والزكاة لم تعد كافية وإنما المطلوب هو الشيوعية المطلقة.
وكما تغير مفهوم الإسلام لدى هؤلاء القوم تغير مفهوم الإيمان أيضاً؛ لأن العقائد تصورات مرتهنة بمستوى الوعي والمعرفة في كل عصر، وعلى ذلك فإن الله الجديد الذي يؤمن به العَلْمانيون ليس هو الله الذي يؤمن به المسلمون والموصوف في القرآن الكريم بكل صفات الكمال والجلال والجمال، وإنما هو العدالة والحرية والتقدم، والأمل والتفاؤل. وكذلك فإن الإيمان باليوم الآخر لا يعني اليوم الآخر كما فهمه المسلمون وإنما اليوم الآخر هو المستقبل والمعاد والجنة والنار على هذه الأرض.
إن كل ما قاله الباحث هو خلاصة لنصوص الخطاب العَلْماني بكل صراحة، وهكذا يُطمَس الإسلام القرآني المحمدي لدى هؤلاء المتخرصين ليحلَّ محله الدين العَلْماني الجديد وعلى رأسه قبعة (سكسونية) بدلاً من الطربوش أو العمامة.
منقول:
http://www.albayan-magazine.com/bayan-261/bayan-20.htm
ـ[خلوصي]ــــــــ[30 Jun 2009, 09:06 ص]ـ
أمرهم سهل جدا ..
و ذلك بقراءة قراءاتهم قراءة جديدة!؟! بسمات.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jun 2009, 09:22 م]ـ
أمرهم سهل جدا ..
و ذلك بقراءة قراءاتهم قراءة جديدة!؟! بسمات.
خلوصي
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
أمرهم ليس بالسهل إطلاقا، بل أخطر بكثير مما يظن الكثير من المنتسبين للعلم فضلا عن عامة المسلمين.
إن ما يحاك للإسلام يحاك بدقة وبخطوات مدروسة تدعمه أجندات سياسية وعلى مستوى القمة في الدول الغربية.
والمحزن في القضية أن كثيرا من المسلمين من ينكر هذا ومع الأسف أن من هؤلاء من ينتسب للعلم الشرعي.
ومن المحزن أن البعض يدرك الخطر ولكنه لا يعمل شيئاً مع قدرته على العمل.
ومن المحزن أن كثيرا من المسلمين يبتلع الطعم بسهوله ويفتح الأبواب أمام هذا الهجمة المنظمة والمدروسة على الإسلام وعلى القرآن بالذات.
ومن المحزن أننا لا نرى في الأفق ما يدعو إلى التفاؤل.
ولكن نقول: والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.