سؤال يحتاج إلى جواب
.
أما هنا فالأمر يحتاج إلى تفصيل كبير لا تستوعبه المساحة المحدودة هنا ولا ما تفرضه من الوقت الممكن، إنما اكتفي -وأنا تلميذكم الفقير الضعيف- في مقابل عمق هذا السؤال وسعته، موجزا، تاركا الإجابة لأربابها، مفسحا المجال -حقا- لمن يعطي القوس باريها من علمائنا ومشايخنا الأفاضل، بالقول:
أن ماطرحه فضيلتكم في فقرته الأولى ينطبق على البعض بحيث لا يستساغ التعميم، فمن الاستحالة بمكان أن يجهل العرب جميع ما ورد من الغريب، مدللا للانطباق بما هو معروف من سعة لسان العرب بحيث لا يحيط بها إلا نبي - على رأي الإمام الشافعي- وما تمثل من حكمة إلاهية ورحمة وسعة على العرب الخُلص متلائما مع بيئتهم وطباعهم في نزول القرآن على سبعة أحرف بخلافها الشاسع الواسع كما تعلمون أستاذنا.
أما فقرته الثانية: فكما قلتم شيخنا الفاضل، وهو وارد بقوة يستفاد فيه بجزئية سعة اللسان العربي، ويضاف إليه التنوع اللفظي الشامل للغات العرب المختلفة والممتدة المتجانسة مع ما أشرنا إليه من الحكمة الربانية المتمشية وعلمه سبحانه بالبيئة المتنزل بها وحيه، بدليل أن المفسرين وعلى رأسهم حبر الأمة يذهبون إلى تفسير هذه الكلمة القرآنية أو تلك بأن معناها كذا في لغة كذا، أو كذا في قبيلة كذا، بمساحة لا بأس بها، وصولا إلى ظهور إشكال المعرب وما تباينت فيه أقوال العلماء من وجود أعجمي في القرآن.
وخلاصة القول: أن ماقام به ابن الأزرق كان تنطعا وزهوا وجرأة كبيرة أعمته في التجاسر بمحاولة تعجيز حبر الأمة والتقليل من شأنه والتنفير عنه.
قابلها رضي الله عنه أولا: بفراسة المؤمن العالم، ففهم مقصده وأدرك بغيته، فأظهر -وماكان لولم يكن ماعلمه من قبح نية ابن الأزرق- شيئا من مقدرته الكبيرة على الحفظ والاستظهار وقوة الاستحضار، وكأنها محاولة ردع استباقية علَّ ابن الأزرق يثوب إلى رشده، واستند في ذلك إلى ما روي أنه رضي الله عنه صحح بيتا لابن الأزرق قاله الأخير متهكما معرضا بترجمان القرآن في إصغائه لفتى لاه من قريش هو عمر بن أبي ربيعة حينا ألقى عليه قصيدته التي تجاوزت ثمانين بيتا، بل وأعاد رضي الله عنه إلقاءها على مسامعه كاملة ولم يكن سمعها من ابن ابي ربيعة إلا في تلك اللحظة.
ثانيا: بين له بعلمه الواسع أحقيته بما وصل إليه من مكانة وما استحقه من ألقاب، هيئته قبلا وهو الغلام أن يجلس مجلسا خاصا بأهل بدر وأكابر الصحابة، فما بالك وهو في آخر حياته حين وقعت هذه المسائل.
ولعلي أختم بفائدة - معتذرا إن نحت بي بعيدا عن لب الموضوع-:
تتمثل في معرفة التحديد الزمني المستفاد من إطلاق اللفظ القبيح والتعيير بالعمى لحبر الأمة، ولما كان رضي الله عنه قد أصيب به في آخر عمره، وقد بدأ في أول حياته بمواقف من مثل ما كنت أدري ما فاطر السماوات وغيره، وبذلك نستدل على القيمة العلمية الكبيرة لهذه المسائل ودورها الفاعل في الإسهام بقوة في تفسير غريب القرآن.
ولكن قد يأتي متسأل ويطعن في صحة هذه المسائل، ولا يمكننا هنا الرد الشافي لأنا قد فصلناه في بحثنا للماجستير، وفعل قبلي وأفضل شيخنا الدكتور المشرف العام الذي نرجو أن يكون في تمام الصحة والعافية، في بحثه القيم للدكتوراة، وغيرنا الكثير، ولكون هذا ليس محل الموضوع، إنما بإيجاز شديد هنالك شواهد كثيرة وروايات عدة تشهد لأصل هذه المسائل وصحة وقوعها.
هذا ما خطر ببالي، وأحببت أن أشارك به، راجيا ألا أكون بفهمي القاصر لم أستوعب قصد فضيلتكم، أو ابتعدت عن مراده، فإن كان كذلك، فكلي شكر وامتنان على جميل التنبه وكريم التوجيه، والله الموفق.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[29 Jun 2009, 01:54 ص]ـ
وخلاصة القول: أن ماقام به ابن الأزرق كان تنطعا وزهوا وجرأة كبيرة أعمته في التجاسر بمحاولة تعجيز حبر الأمة والتقليل من شأنه والتنفير عنه.
أخي الحبيب الشيخ محمد عمر نفعك الله ورفعك وافاض عليك من وافر فضله وأقول:
أحسنتم أحسن الله إليكم ونحن معك في هذه الخلاصة المفيدة الوافية بالغرض ولكن
¥