2 - إنّ الوجود لا ينحصر في هذا العالم المشاهد وحده الذي تستطيع الحواس إدراكه، وإنما هناك وجود لعالم غيبي تخرج معرفته عن نطاق الحواس. ولمعرفة ذلك العالم لا بد من اعتماد الوحي الإلهي مصدراً معرفياً؛ إذ أنّ المعلومات التي يمدنا بها الوحي معلومات يقينية وقطعية، والمصادر الأخرى مهما كانت فائدتها فهي ليست مصادر يقينية ولا يمكن أن تقدَّم لنا إجابات واضحة ودقيقة للتساؤلات المطروحة. كما أنّ الوحي يستوعب في تفصيلاته حقيقة الإنسان في أصله وخلقه وتكوينه وحركته على الأرض ومصيره المستقبلي.

3 - إن الوحي المطلوب إضافته مصدراً معرفياً هو الوحي الإسلامي المرتكز إلى عقيدة التوحيد وذلك حتى تتمايز الفواصل بين عالم التنزيه "الإلهي" وعالم الخلق، فتتمايز تبعاً لذلك الحدود بين المعرفة الإلهية والمعرفة الإنسانية النسبية. ومن المعلوم أنّ الوحي في المسيحية قد لحقت به التشوهات فتعدّدت فيه الآلهة وصارت المعرفة البشرية وحياً مقدساً كما ذكرنا سابقاً.

4 - إنه لا بد من التكامل بين المصادر المعرفية ووسائلها، وبين عالمى الغيب والشهادة. وإنّ وجود أي تعارض أو تناقض لا بد أن يكون عجزاً في الأداة سواء كان ذلك في أدوات فهم معارف الوحي أو الاستنباط منها، أو في أدوات تحصيل معارف الكون والطبيعة والإنسان. فمعارف الوحي تتكامل مع معارف الكون والطبيعة والإنسان

هـ - نموذج لمحاولات الإصلاح المعرفي:

لقد اتضح لنا من خلال عرضنا السابق أنّ جوهر الإشكالية في النموذجين العلماني والإسلامي ينبع من المنهجية في المقام الأول، حيث أن التقدُّم في أي جانب هو رهين بتحقيق التقدَُم في مسألة المنهج ومن هنا ظهرت دعوى إسلامية المعرفة وإسلام العلوم باعتبارها قضية منهجية تقوم على اكتشاف العلاقة المنهجية بين الوحي والكون، وهي علاقة تداخل وتكامل تكشف عن استيعاب منهجية القرآن الكريم للكون وسننه وقوانين حركته، وتتلخص محاور إسلامية المعرفة في

1 - بناء النظام المعرفي الإسلامي:

ويتم ذلك بإعادة كشف وبناء النظام التوحيدي من حيث تفعيل العقيدة للإجابة على التساؤلات النهائية – وهي تلك التساؤلات المتعلقة بالإله والإنسان والكون والحياة والنشأة والمصير – وكشف النماذج المعرفية التي سادت في تاريخ الإسلام وذلك بغرض تقويم التراث الفكري وتبيين معالم النموذج المعرفي التراثي المستوحى من القرآن الكريم.

2 - بناء المنهجية المعرفية القرآنية:

الاختلال الذي أصاب العقل المسلم يجعل من إعادة بناء المنهجية المعرفية ضرورة ملحة، والمنهج هو سبيل للوصول إلى الحقيقة وهو أيضاً الطريق الطريقة التى تسلك في فهم الظواهر وتحليلها، وهذه المنهجية لا بد أن تكون نابعة من النموذج المعرفي الإسلامي وقائمة على مسلماته وقواعده المنطقية.

3 - بناء منهج للتعامل مع القرآن الكريم:

القرآن الكريم مصدر للمنهج والمعرفة ومقومات الشِّهود الحضاري والعمراني، وإنّ استدعاء القرآن الكريم في إطار واقع عالمي متغيِّر بوعي جديد أمر ضروري لا مفر منه، وهذه الضرورة تكمن أهميتها في محاولتها تصحيح كثير من المفاهيم المتعلقة بالتعامل مع القرآن الكريم في الموضوعات الإسلامية كخطوة أولى يؤسَّس بموجبها الوعي المنهجي الإسلامي المعاصر وإعادة التعامل مع القرآن كمصدر منهجي ومعرفي للعلوم الاجتماعية والطبيعية سيجعل هذه العلوم قادرة على مد الحياة الإنسانية بما يخرجها من أزماتها، وسيعيد الارتباط بين هذه العلوم والقيم ويربطها بمقاصد الحق وغائية الخلق.

4 - بناء مناهج التعامل مع السُّنة النبوية:

لا بد من الوعي بحقيقة السُّنة النبوية باعتبارها المصدر التفسيري الملزم للنص القرآني. والسُّنة النبوية هي المنهاج التفصيلي في حياة المجتمع والفرد المسلم، وهي تمثَّل القرآن مفسراً والإسلام مجسَّداً، ومن الصعب فهم كثير من قضاياها بمعزل عن الواقع الذي كان يتحرك فيه الرَّسول صلى الله عليه وسلم. ومن الصعب أيضاً تطبيق السُّنة وتحقيق واجب الاتباع والتأسي بالرسول من خلال تتبع الجزئيات دون استنباط منهج للتأسي يضم الجزئيات في إطار منهجي

5 - قراءة التراث الإسلامي قراءة سليمة:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015