في قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ (45) المائدة.

وذلك أن الآخذ بالقصاص يخرج منه لا مأجورًا ولا مأزورًا، ومن يعف ويتصدق فإن عمله يمتد له بما يكفر الله تعالى عنه بهذه الصدقة من الذنوب، ويكتب له من الأجر الممتد؛ وعلى ذلك ثبتت ألفها.

وحذفت ألف "كفارة" في موضعين؛

في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ (89) المائدة.

وذلك أن هذه الكفارة تسقط إثم عدم الوفاء بالأيمان، أو تعمد تركها إن حالت بين الخير وفعله، فسقطت ألفها؛ لأجل أن الكفارة لا تبقي الإثم يدوم على صاحبها.

وحذفت في قوله تعالى: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ (95) المائدة

وكان حذفها لنفس السبب السابق في إسقاط الكفارة لإثم المحرم المرتكب للصيد الذي حرم عليه، بعد إحرامه لأداء مناسك الحج أو العمرة.

الكلمة الرابعة عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم

حذف وإثبات ألف هادٍ

الهادي هو من يقدم ويدل على ما فيه ثبات، وبقاء، وحفظ، واستمرار من قدم إليه هدايته، فعلى ذلك تثبت ألفه، وقد تكرر اسم "هادي" عشر مرات؛ ثبتت ألفه في ثمانية مواضع؛

في قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) الرعد.

وفي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) الفرقان.

وفي قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) الحج.

هذه المواضع الثلاثة في الإثبات؛ فلكل قوم هاد يهديهم ويثبتهم، والله تعالى هو المثبت لمن ينصره، وهو الهادي إلى صراط مستقيم.

والصراط وردت في القرآن خمسًا وأربعين مرة، وكلها بحذف الألف؛ لأن الألف هي للتفصيل، وصراط الله واحد فقط ليس معه ما يحتاج الأمر إلى التفريق بينها، وعلى ذلك سقطت ألفه.

وبقية المواضع في نفي الهادي والمثبت لمن يضلل الله عز وجل؛ لأن الضال هو من خرج عن الطريق المثبت له؛

في قوله تعالى: (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنْ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) الرعد.

وفي قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) الزمر.

وفي قوله تعالى: (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) غافر.

وفي قوله تعالى: (مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) الأعراف.

وفي قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) الزمر.

وطغيان وردت في القرآن تسع مرات؛ وقد حذفت الألف في الجميع؛ لأن الطغيان صفة نكس ونقص، وموجبة لغضب الله وسخطه، وليست امتدادًا لصاحبها وزيادة له، وعلى ذلك كان حذفها.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015