ولا شك أن كل صفة وصف الله بها الكفار وذمهم عليها فيها تحذير لأهل الإيمان من الاتصاف بها، لكن تنزيلها على واقع المسلمين مباشرة من الخطأ الفادح وهذا المسلك هو الذي أودى بالكثير من طلبة العلم إلى الشطط في الأحكام.

يقول الكاتب:

وعن نبي الله صلى الله عليه وسلم قوله:

"أَلاَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ فَلاَ يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا.

قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ"!.

هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو.

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6/ 774:

و هو من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يرويه عنه عمرو

ابن قيس الكندي، رواه عنه جمع رفعه بعضهم و أوقفه بعضهم، و هو في حكم المرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي، و هم: أولا: يحيى بن حمزة: حدثني عمرو بن قيس الكندي قال: كنت مع أبي الفوارس و أنا غلام شاب، فرأيت الناس مجتمعين على رجل، قلت: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن عمرو بن العاص، فسمعته يحدث عن رسول

الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره.

أخرجه الحاكم (4/ 554) و أورده

الهيثمي في " المجمع " (7/ 326) مرفوعا عن عبد الله بن عمرو، و قال: "

رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح "

. قلت: لعله عند الطبراني من طريق أخرى

غير طريق الكندي هذا، و إلا فالهيثمي واهم في حشره إياه في جملة (رجال الصحيح

)! ثانيا: الأوزاعي عن عمرو بن قيس السكوني قال: خرجت مع أبي في الوفد إلى

معاوية، فسمعت رجلا يحدث الناس يقول: " إن من أشراط الساعة .. " الحديث. قال

: فحدثت بهذا الحديث قوما و فيهم إسماعيل بن عبيد الله، فقال: أنا معك في ذلك

المجلس، تدري من الرجل؟ قلت: لا، قال: عبد الله بن عمرو.

أخرجه الحاكم أيضا، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (13/ 593 - المدينة) و قال الحاكم: "

صحيح الإسناد ". و وافقه الذهبي. ثالثا: معاوية بن صالح قال: أخبرني عمرو

بن قيس الكندي قال: سمعت عبد الله ابن عمرو بن العاص قال: فذكره موقوفا بلفظ

: " .. كل كتاب سوى كتاب الله ".

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (15/ 165/ 19395): زيد بن الحباب قال: أخبرنا معاوية بن صالح ... رابعا: إسماعيل بن عياش عن عمرو بن قيس به إلى قوله: " و يخزن العمل ". أخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " (ق 53/ 1 - 2) و البيهقي في " الشعب " (4/ 306 / 5199) بتمامه.

خامسا: بشر: حدثني عمرو بن قيس به. أخرجه ابن عساكر. (فائدة):

هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء

، و بخاصة منها ما يتعلق بـ (المثناة) و هي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره

الراوي، و ما يتعلق به من الأحاديث النبوية و الآثار السلفية، فكأن المقصود

بـ (المثناة) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين. التي صرفتهم مع تطاول

الزمن عن كتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما هو مشاهد اليوم مع

الأسف من جماهير المتمذهبين، و فيهم كثير من الدكاترة و المتخرجين من كليات

الشريعة، فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب، و يوجبونه على الناس حتى العلماء

منهم، فهذا كبيرهم أبو الحسن الكرخي الحنفي يقول كلمته المشهورة: " كل آية

تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة، و كل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ

" <1>. فقد جعلوا المذهب أصلا، و القرآن الكريم تبعا، فذلك هو (المثناة)

دون ما شك أو ريب."

ولا شك أن ما ذكره الألباني رحمه الله تعالى صحيح وواقع لكن لا يعنى هذا أن الأمة ليس فيها من يعتني بكتاب الله تعلما وتعليما وتفسيرا. ولو أنا نظرنا نظرة ضيقة لمعنى الحديث لقلنا أن الألباني رحمه الله تعالى قد اشتغل بغير القرآن.

ويقول الكاتب:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015