بالنسبة للمرأة يرى المؤلفان أن القرآن حسن من وضعية المرأة في المجتمع وأعطاها حقوقا كانت محرومة منها. وجعلها على المستوى الإيماني مساوية للرجل.

أما بخصوص الرق فإن القرآن حض على تحريرهم ابتغاء مرضاة الله ومغفرته. فالقرآن حسب رأيهم إنما سعى إلى إصلاح الأوضاع المختلفة الظالمة، من اجل أن يتحقق فيها التكافؤ .. ،

بعد هذا ينتقل بنا المؤلفان إلى ما يمكن اعتباره طريقتهم في مقاربة النص القرآني وقراءته بشكل متبصر ومن منطلق أن النص القرآني ( La parole coranique) يقيم علاقة حية ( Lien vivant) مع الوسط أو المحيط الذي نزل فيه، وبالتالي فإن الغالبية من المسلمين ترفض هذا الخطاب لأن مذهبا ترسخ بعد وفاة الرسول (ص) وقد أدى إلى تصدع فكري بالغ.

وأصحاب هذا المذهب يقولون بما أن القرآن كلام الله فإنه ليس مرتهنا بالزمن ومن ثم فإن الآيات القرآنية ليست مقرونة بالملابسات التي نزلت فيها.

(والحقيقة أن ما يقوله علماء القرآن بعيد كل البعد عن ما فهمه المؤلفان. ولا بأس من التذكير به بإيجاز وإن كنا سوف نعود إليه في سياق هذا العرض عندما نصل إلى الحديث حول أسباب النزول .. أما ما نريد الإشارة إليه هنا هو أن فهم ما حول النص بترتيب الآيات فيه حسب نزولها لمعرفة ظروف الزمان والمكان. كما يستأنس بالمرويات في أسباب النزول من حيث هي قرائن لا سبب نزول الآية. لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الذي نزلت فيه الآية). وقد أدى الفهم الضيق للمؤلفين إلى إطلاقهما أحكاما عامة، متشنجة، لا نرى لها أي مبرر، كقولهم بأن التسليم بحرفية القول ان القرآن ليس مرهونا بالزمن سيؤدي لا محالة الى بلبلة الضمائر والى تمزق رهيب بين ضرورة التمسك بحرفية النص او القبول بضغوط المتغيرات والتجارب المعاشة ..

وبين الحقيقة المطلقة والنسبية وبين الخضوع للمعتقد السائد أو الاهتداء بالتأمل والنظر الفردي.

ويعتبر المؤلفان أن هذا التمزق والتيهان ليس مصدره القرآن وإنما يرجع إلى التيار التقليدي الذي يرفض التسليم بان في القرآن مكونات زمنية

La composante temporelle du livre)) ، في حين أن قراءة لا تعتمد على المعارف المنقولة تكشف أن للقرآن بعدا زمنيا وبعدا إلاهيا .. ، باعتبار أن الوحي نزل في مكان محدد وزمان معلوم. ووجه إلى العرب في القرن السابع الميلادي. ونزل بلغتهم مستجيبا لتطلعاتهم وانتظاراتهم، سواء تعلق الأمر بالجانب الروحي الذي يتشابك مع أحوال معاشهم.

وبناء عليه فإن الوحي ( La parole de عز وجلieu) يمتزج بالزمن البشرى الذي سجل فيه. ولابد من بذل الجهد لتفسير القرآن من اجل ملائمة توجهاته وتعاليمه مع الأحوال المتغيرة للحياة.

وقبل المضي مع المؤلفين في قراءتهما العصرية للقرآن، لابد من الإشارة بأن علماء الإسلام لمقاربة الكتاب المبين وضعوا تصانيف شملت كل علم وتناولت كل فن، متنوعة الطرائق، متغايرة تضم من قوانين وبدائع الحكم ..

وهكذا وضع تاريخ اللغة وعلومها وتاريخ البلاغة وأسرارها وتاريخ الفقه ومذاهبه وتاريخ الأصول ومدارسه، وتاريخ التفسير وأطواره.

ولا تنكشف الحقيقة للمؤرخ إلا متى عالج بنفسه علم التفسير وفنه، وتبحر فيه، وعرفه بطويل المتافنة لكتبه والوقوف على مصادره وهذا ضرب عزيز وهو الأكمل والأجود (9).

لقد وسعت الشخصية العلمية الإسلامية علوم الوسائل والمقاصد على أكمل وجه وعرفت تطورات العلوم العقلية والنقلية وانفتحت على الحضارات الإنسانية ...

وقد انعقد الإجماع على أن كل لفظ في القرآن له معناه الافرادي وان لكل كلام معناه التركيبي. ومن هذا المنطلق فإن تاريخ النزول كان منظورا فيه إلى مناسبة الظروف والوقائع مناسبة ترجع إلى ركن من أركان مطابقة الكلام لمقتضى الحال.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015