ولن يكون شرع العبيد يوما كشرع الله. .

ولكن هذه ليست قاعدة الدعوة. .

إن قاعدة الدعوة أن قبول شرع الله وحدة ورفض كل شرع غيره هو ذاته الإسلام.

وليس للإسلام مدلول سواه.

فمن رغب في الإسلام فقد فصل في هذه القضية ولم يعد بحاجة إلى ترغيبه بجمال النظام وأفضليته. .

فهذه إحدى بديهيات الإيمان!

يتبع بإذنه تعالى

ـ[شاكر]ــــــــ[30 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 04:48 م]ـ

وبعد

فلا بد أن نقول كيف عالج القرآن المكي قضية العقيدة في خلال الثلاثة عشر عاما. .

إنه لم يعرضها في صورة "نطرية "!

ولم يعرضها في صورة "لاهوت"

ولم يعرضها في صورة جدل كلامي كالذي زاوله فيما بعد ما سمي ب "علم التوحيد" أو "علم الكلام"!

كلا. .

لقد كان القرآن الكريم يخاطب فطرة "الإنسان" بما في وجوده هو وبما في الوجود من حوله من دلائل وإيحاءات. .

كان يستنقذ فطرته من الركام ; ويخلص أجهزة الاستقبال الفطرية مما ران عليها وعطل وظائفها ;

ويفتح منافذ الفطرة لتتلقى الموحيات المؤثرة وتستجيب لها. .

والسورة التي بين أيدينا (الأنعام) نموذج كامل من هذا المنهج المتفرد

وسنتحدث عن خصائصها بعد قليل. .

هذا بصفة عامة.

وبصفة خاصة كان القرآن يخوض بهذه العقيدة معركة حية واقعية. .

كان يخوض بها معركة مع الركام المعطل للفطرة. . في نفوس آدمية حاضرة واقعة. .

ومن ثم لم يكن شكل "النظرية " هو الشكل الذي يناسب هذا الواقع الحاضر.

إنما كان هو شكل المواجهة الحية

للعقابيل والسدود والحواجز والمعوقات النفسية والواقعية في النفوس الحاضرة الحية. .

ولم يكن الجدل الذهني الذي انتهجه - في العصور المتأخرة - علم التوحيد , هو الشكل المناسب كذلك. .

فلقد كان القرآن يواجه واقعا بشريا كاملا بكل ملابساته الحية ;

ويخاطب الكينونة البشرية بجملتها في خضم هذا الواقع. .

وكذلك لم يكن "اللاهوت" هو الشكل المناسب.

فإن العقيدة الإسلامية ولو أنها عقيدة , إلا أنها عقيدة تمثل منهج حياة واقعية للتطبيق العملي ;

ولا تقبع في الزاوية الضيقة التي تقبع فيها الأبحاث اللاهوتية النظرية!

كان القرآن وهو يبني العقيدة في ضمائر الجماعة المسلمة

يخوض بهذه الجماعة المسلمة معركة ضخمة مع الجاهلية من حولها ;

كما يخوض بها معركة ضخمة مع رواسب الجاهلية في ضميرها وأخلاقها وواقعها. .

ومن هذه الملابسات ظهر بناء العقيدة , لا في صورة نظرية , ولا في صورة لاهوت ولا في صورة جدل كلامي. .

ولكن في صورة تكوين تنظيمي مباشر للحياة , ممثل في الجماعة المسلمة ذاتها.

وكان نمو الجماعة المسلمة في تصورها الاعتقادي , وفي سلوكها الواقعي وفق هذا التصور ,

وفي دربتها على مواجهة الجاهلية كمنظمة محاربة لها. .

كان هذا النمو ذاته ممثلا تماما لنمو البناء العقيدي , وترجمة حية له. .

وهذا هو منهج الإسلام الذي يمثل طبيعته كذلك. .

وإنه لمن الضروري لأصحاب الدعوة الإسلامية

أن يدركوا طبيعة هذا الدين ومنهجه في الحركة على هذا النحو الذي بيناه. .

ذلك ليعلموا أن مرحلة بناء العقيدة التي طالت في العهد المكي على هذا النحو ,

لم تكن منعزلة عن مرحلة التكوين العملي للحركة الإسلامية , والبناء الواقعي للجماعة المسلمة. .

لم تكن مرحلة تلقي "النظرية " ودراستها!

ولكنها كانت مرحلة البناء القاعدي للعقيدة وللجماعة وللحركة وللوجود الفعلي معا. .

وهكذا ينبغي أن تكون كلما أريد إعادة هذا البناء مرة أخرى. .

هكذا ينبغي أن تطول مرحلة بناء العقيدة ; وأن تتم خطواتها على مهل وفي عمق وتثبت. .

وهكذا ينبغي ألا تكون مرحلة بناء العقيدة مرحلة دراسة نظرية للعقيدة ;

ولكن مرحلة ترجمة لهذه العقيدة في صورة حية ,

متمثلة في ضمائر متكيفة بهذه العقيدة ;

ومتمثلة في بناء جماعي يعبر نموه عن نمو العقيدة ذاتها ;

ومتمثلة في حركة واقعية تواجه الجاهلية وتخوض معها المعركة في الضمير وفي الواقع كذلك ;

لتتمثل العقيدة حية وتنمو نموا حيا في خضم المعركة.

وخطأ أي خطأ - بالقياس إلى الإسلام –

أن تتبلور النظرية في صورة نظرية مجردة للدراسة النظرية. . المعرفية الثقافية. . بل خطر أي خطر كذلك. .

إن القرآن لم يقض ثلاثة عشر عاما كاملة في بناء العقيدة بسبب أنه كان يتنزل للمرة الأولى. . كلا!

فلو أراد الله لأنزل هذا القرآن جملة واحدة ;

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015