يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الدَّلَالَةِ قَطْعِيَّةً لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ: هَلْ هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ؟ وَإِذَا كَانَ ظَاهِرًا فَهَلْ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ أَوْ لَا؟ وَهَذَا أَيْضًا بَابٌ وَاسِعٌ فَقَدْ يَقْطَعُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِدَلَالَةِ أَحَادِيثَ لَا يَقْطَعُ بِهَا غَيْرُهُمْ إمَّا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْآخَرَ يَمْنَعُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ.))

الثاني:المخالف في ظنية الدلالة: ويكون المخالف هنا محكوما بخطئه إن دلت القرائن على ذلك ويجزم بذلك.

كيف تجزم بخطأ قول أنت أصلاً لا تقطع بصواب القول المخالف له؟؟

بل هذا تناقض ظاهر ..

فأنت أصلاً لا تقطع بصحة الدلالة التي ذهبتَ إليها، فكيف تقطع بخطأ الدلالة الأخرى؟؟

أما إن بلغت الدلالة منك أنتَ مبلغ القطع، فهذه القطعية الخاصة لا ينى عليه أحكام الوفاق والخلاف، وإنما تبنى أخكام الوفاق والخلاف على القطعية الظاهرة والظنية الظاهرة ..

قال شيخ الإسلام: ((وَأَمَّا الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ قَطْعًا مُخَالَفَتُهَا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَلْ هِيَ مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ؛ فَهَذِهِ الْأُمُورُ قَدْ تَكُونُ قَطْعِيَّةً عِنْدَ بَعْضِ مَنْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ الْحَقَّ فِيهَا؛ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ بِمَا بَانَ لَهُ وَلَمْ يَبِنْ لَهُمْ فَيَلْتَحِقُ مِنْ وَجْهٍ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ (الذي علمت مخالفته للشريعة). وَمِنْ وَجْهٍ بِالْقِسْمِ الثَّانِي (الذي لم تعلم مخالفته للشريعة))).

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Jul 2010, 10:12 ص]ـ

تطبيق

الأصل أننا نبحث عن جهة النزاع ..

لو كنا في مسألة حديثية نختلف في ثبوت حديث ما ...

فإنه إذا كان الحديث قطعي الثبوت فإن قول المخالف بضعفه يكون خلافاً غير سائغ يُنكر عليه، وكلامنا عمن قال بضعفه ليس عمن رده بهواه من غير حجة يبديها على التضعيف ..

وهل يمكن أن يكون قطعي الثبوت ويكون معه حجة على التضعيف؟

نعم يمكن. إذ لم تكن قطعيته ضرورية بأن وقع فيها النزاع.

يقول شيخ الإسلام: ((ثُمَّ هِيَ-أي الأحاديث- مُنْقَسِمَةٌ إلَى: مَا دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ؛ بِأَنْ يَكُونَ قَطْعِيَّ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ وَهُوَ مَا تَيَقَّنَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَتَيَقَّنَّا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ تِلْكَ الصُّورَةَ. وَإِلَى مَا دَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجِبُ اعْتِقَادُ مُوجَبِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا؛ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا قَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ هَلْ هُوَ قَطْعِيُّ السَّنَدِ أَوْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ؟ وَهَلْ هُوَ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ أَوْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ ... وَتَارَةً يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الدَّلَالَةِ قَطْعِيَّةً لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ: هَلْ هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ؟ وَإِذَا كَانَ ظَاهِرًا فَهَلْ فِيهِ مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ أَوْ لَا؟ وَهَذَا أَيْضًا بَابٌ وَاسِعٌ فَقَدْ يَقْطَعُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِدَلَالَةِ أَحَادِيثَ لَا يَقْطَعُ بِهَا غَيْرُهُمْ إمَّا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْآخَرَ يَمْنَعُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ.))

ولو كنا في مسألة فقهية (بالمعنى العام للفقه) فإنه يكفي اتفاق المختلفين على صحة الحديث في الجملة يبقى النظر في دلالته ...

توضيح:

لو كنتُ ممن يقول بحرمة صيام يوم السبت وخالفني رجل وقال بعدم الحرمة فسألته عن مستنده فقال: إن الحديث ضعيف ..

فجهة نزاعه معي هي في ثبوت الخبر .. الآن ننظر هل هو قطعي الثبوت؟؟

الجواب: لا.إذاً فخلافه سائغ، ولا أجزم بتخطئته لعدم قطعي بصحة الخبر ..

طيب ..

لو سلم لي رجل آخر بصحته لزمته الحجة إلا أن يُظهر لي من جهات النظر والمعارضة ما يمنعه من قبولها بعد التسليم بصحتها .. فحينها خلافه سائغ لأن الخبر غير قطعي الدلالة ...

خلاصة:

إذا كانت جهة مخالفة من خالف النص هي جهة الثبوت فإن خلافه يكون غير سائغ مادام الخبر قطعي الثبوت. ويُجزم بتخطئته ..

أما هل يكفر؟

فهذا ينبني على حجته في الرد وعلى ضرورية القطكعية من عدمها ..

وإذا كانت جهة مخالفته هي جهة الدلالة فإن خلافه يكون غير سائغ إذا كان الخبر قطعي الدلالة.

أما هل يكفر؟

فهذا ينبني على حجته في الرد وعلى ضرورية القطعية من عدمها ..

وتعليق الأحكام بالنسبيات لا بأس به وما شهد المجتهد إلا بما علم ... والمجتهد يستطيع التفريق بين ما كان القطعُ فيه مختصاً به هو وبين ما كان القطع فيه ظاهراً ظهوراً بيناً عند فئام من المجتهدين بحيث يستحق المخالف فيه اسم الشذوذ واسم الخلاف غير السائغ ..

والزعم بأن الأحكام لا تتفاوت بتفاوت الأشخاص وما حصل لهم من الأوصاف .. زعم باطل لا أساس له ...

بل البينة هي ما كان بيناً قطعياً .. وتفاوت القطعيات لا يمنع من وجود طرفين ووسط في الحكم على الشيء بالقطعية ... وعند التطبيق يؤثر تعامل العلماء مع الخلاف وحكمهم عليه تأثيراً بيناً في هذا ..

ويقول شيخ الإسلام: ((نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يُعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع)).

فأثبت أنه حتى خلاف القطعيات قد يعذر مرتكبه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015