15 ـ قال تعالى في شأن زكريا عليه السلام وابنه يحيى: (قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء) وقال تعالى في شأن مريم عليها السلام وابنها عيسى: (قالت رب أنّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء). عبر في قصة مريم بالخلق وفي قصة زكريا بالفعل (يفعل)، فهل هناك نكتة أو أنه اختلاف تعبير؟ الجواب: أن هناك نكتة، وهي من وجهين: الوجه الأول: مما قاله العلماء وهو صحيح أن عيسى عليه الصلاة والسلام خلق من غير ما جرت العادة به، خلق على وجه لم تجر العادة بمثله إطلاقاً، فناسب التعبير بالخلق الدال على الإبداع، ولهذا يقال: خلق الله السماوات، ولا يقال: فعل الله السماوات، مع أن الخلق فعله لكن الخلق فيه نوع من الإبداع ولذلك قال: (خلق). الوجه الثاني: الرد على شبه النصارى الذين يقولون: إن عيسى هو الله، والله ثالث ثلاثة، فيكون فيه التصريح بأنه مخلوق، ويكون هذا قطعاً لدابر قولهم فيه، إذن نكتة كونية ونكتة شرعية يعني حكمة كونية شرعية. ص280.

16 ـ قال تعالى في بيان معجزات عيسى عليه السلام: (وإذ تخرج الموتى بإذني) في هذه الآية إشكال، وهو أن الله تعالى قال لعبدالله بن حرام ((بعد أن استشهد وطلب الرجوع للدنيا)): (إني قضيت إنهم إليها لا يرجعون)، وهنا ذكر أنه أحيا الموتى لعيسى في الدنيا، الظاهر والله أعلم أن يقال: إن عبد الله بن حرام طلب الرجوع من أجل العمل، وأما ما وقع آية لعيسى فليسوا يرجعون على أنهم يعملون، على أن المسألة فيها أيضاً نظر من جهة أخرى؛ لأن الله تعالى لما أخذت الصاعقة أصحاب موسى الذين كانوا معه دعا الله عزوجل فبعثهم من بعد موتهم وبقوا وعملوا. فيكون المراد ـ والله أعلم ـ أنه إذا لم يكن هناك سبب مثل أن تكون آية فهذا لا مانع، أما عبدالله بن حرام فليس هناك سبب. ص289.

17 ـ قال تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) آيات عظيمة، فآياته كثيرة كل آية فيها عدة آيات، ولكن لا يفهم هذه الآيات إلا من فتح الله له قلبه بالإيمان والعمل، واعتقد أن هذا القرآن كلام الله وأن فيه آيات بينات، أما الذي تمر عليه مثل هذه الجملة من الآيات مر الكرام، ولا يتحرك بها قلبه، ولا يتأمل هذه الآيات؛ فإنه لا ينتفع بما في القرآن من الآيات، لابد أن تؤمن بأن فيه آيات وأن تحاول استخراج هذه الآيات بالتدبر، والإنسان إذا تدبر القرآن وجد فيه آيات عظيمة لا يحصيها البشر. ص349.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[08 Jun 2010, 04:57 م]ـ

18 ـ قال تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة) البشر هو الإنسان من بني آدم، وسمي بشراً لظهور بشرته. فإن بشرة الإنسان ظاهرة بارزة ليس عليها شعر ولا صوف ولا وبر ولا ريش ولا زعانف بادية. وقيل: سمي بشراً لظهور أثر البشارة عليه فيما إذا أخبر بما يسره، ولا مانع من أن يكون سمي بشراً لهذا ولهذا، والحكمة من أن الله جعل الآدمي بارز البشرة ليعلم الآدمي أنه مفتقر إلى اللباس الحسي، فينتقل من ذلك إلى العلم بأنه مفتقر إلى اللباس المعنوي وهو التقوى. وأنه بحاجة إلى أن يعمل الأسباب التي تستره معنى كما هو يعمل الأسباب التي تستره حساً. ص450 ـ 451.

19 ـ قال تعالى: (قل ءامنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم و إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون).

الخطاب في هذه الآية للنبي صلى الله عليه وسلم. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب له وللأمة، ما لم يقم دليل على أنه خاص به. والمتأمل في الخطاب الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم يتبين له أنه على ثلاثة أقسام:

قسم دل الدليل على أنه خاص به فهو له، يختص به، مثل قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا)، وقوله: (ألم نشرح لك صدرك).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015