ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[24 Feb 2010, 06:10 م]ـ

8 ـ الإنسان الذي هداه الله للإسلام ليس أحد من الناس مثله في النعمة إلا من أنعم عليه بها. فأنت في الحقيقة تحب الله نفسه لذاته ولما أنعم عليك به من النعم، وليست محبة الله كمحبة الزوجة أو كمحبة الطعام، أو كمحبة الشراب، أو كمحبة اللباس، أو كمحبة السكن، أو كمحبة السيارة؛ كلا فإن محبة الله لا يشبهها شيء، وجرب تجد، اجعل قلبك صافياً يوماً من الدهر وصلّ وكن متصلاً بالله في صلاتك تجد شيئاً لا يخطر بالبال، وتجد شيئاً يبقى أثره مدة طويلة وأنت تتذكر تلك اللحظة التي كنت فيها متصلاً بربك عز وجل. ص195.

9 ـ قال تعالى في شأن مريم عليها السلام: (فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) تأمل أنه قال: من القانتين، ولم يقل: من القانتات؛ لأنه كما جاء في الحديث: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا قليل) ص221.

10 ـ المحراب مفعال من الحرب، وهو مكان العبادة، وليس المحراب هو طاق القبلة كما هو عند الناس، ورأيت في بعض المساجد مكتوب على طاق القبلة على القوس (كلما دخل عليها زكريا المحراب) يجعلون الإمام مريم وهم لا يشعرون، ويخطئون أيضاً في المعنى؛ لأن المحراب مكان العبادة سواء كان طاقاً أو مربعاً أو حجرة، ولهذا قال الله تعالى في قصة داود: (إذ تسوروا المحراب) وسمّي بذلك لأن المتعبد فيه يحارب الشيطان. ص223.

11 ـ قال تعالى: (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم).

يستفاد من هذه الآية تسمية المولود حين يولد؛ لقولها: (وإني سميتها مريم) وهذا هو السنة، أن يسمى الإنسان حين يولد إلا إذا لم يتهيأ الاسم فإنه يسمى في اليوم السابع، وبهذا تجتمع الأدلة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد إبراهيم قال: (ولد لي الليلة ولد وسميته إبراهيم). وفي حديث العقيقة قال: (تذبح يوم سابعه، ويحلق ويسمى) فيكون الجمع أن من كان مهيأ الاسم قبل الولادة فالأفضل أن يسميه حال الولادة، ومن لم يهيأ فالأفضل أن يؤجله إلى اليوم السابع. ص229.

12 ـ قال تعالى: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين).

(حصوراً) فعول بمعنى فاعل أي حاصراً نفسه عن أراذل الأخلاق، فيكون هذا المبشر به موصوفاً بصفات الكمال الدال عليها قوله: (سيداً) ومبرأً من النقص وسوء الأخلاق الدال عليه قوله: (حصوراً) فيكون جمع له بين النفي والإثبات، وذلك لأن الإنسان لا يكمل إلا بوجود صفات الكمال وانتفاء صفات النقص، وهو أمر نسبي.

وأما من قال من المفسرين: إن الحصور هو الممنوع عن إتيان النساء يعني لا يستطيع على النساء؛ فإن في هذا نظراً واضحاً؛ لأن عدم قدرة الإنسان على النساء ليس كمالاً إذ أن ذلك ليس منه بتخلق ولكنه عيب.وفيها قول آخر: أنه لا يأتي من النساء من لا تحل له فيكون وصفاً له بكمال العفة، وهذا يمدح عليه الإنسان. لكن ما قلناه أشمل من هذا القول. ومعلوم أنه إذا وجد معنى أشمل فهو مقدم على المعنى الأقل؛ لأن الأقل داخل في الأشمل لا العكس.ص235.

13 ـ قال تعالى: (هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء).

في هذه الآية دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل مطلق الذرية؛ لأن الذرية قد يكونون نكداً وفتنة، وإنما يسأل الذرية الطيبة. ص238.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[15 صلى الله عليه وسلمpr 2010, 02:55 م]ـ

14 ـ قال تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين). في الآية بيان أنه كلما منّ الله سبحانه وتعالى على إنسان بشيء كانت مطالبته بالعبادة أكثر؛ لأن الملائكة لما قالت: (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)، أمرتها بالقنوت والسجود والركوع، فدل هذا على أنه ينبغي للإنسان كلما ازدادت عليه نعم الله أن يزداد على ذلك شكراً بالقنوت لله والركوع والسجود وسائر العبادات. ص260.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015