ولهذا ينبغي أن نطلق ما أطلقه الله لنفسه، فنقول: إن الله على كل شيء قدير؛ أما إذا جاءت القدرة مضافة إلى فعل معين فلا بأس أن تقيد المشيئة، كما في قوله تعالى: (وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) فإن (إذا يشاء) عائدة على الجمع؛ لا على القدرة؛ فهو قدير على الشيء شاءه، أم لم يشأه؛ لكن جمعه لا يقع إلا بالمشيئة. ص148 ـ 149.

15 ـ (النعمة) هي ما ينعَم به على الإنسان؛ ويقال: (نِعمة) بكسر النون؛ ويقال (نَعمة) بالفتح؛ لكن الغالب في نِعمة الخير أن تكون بالكسر؛ والنَعمة بالفتح: التنعم من غير شكر، كما قال تعالى: (ونَعمة كانوا فيها فاكهين)، وقال تعالى: (وذرني والمكذبين أولي النَعمة). ص156.

16 ـ معية الله سبحانه وتعالى نوعان:

النوع الأول: عامة لجميع الخلق، ومقتاها الإحاطة بهم علماً، وقدرة، وسلطاناً، وسمعاً، وبصراً، وغير ذلك من معاني ربوبيته؛ لقوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم إينما كانوا).

النوع الثاني: خاصة؛ ومقتضاها مع الإحاطة: النصر، والتأييد؛ وهي نوعان: مقيدة بوصف، كقوله تعالى: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) ومقيدة بشخص، كقوله تعالى لموسى، وهارون: (إنني معكما أسمع وأرى)، وقوله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا). ص174 ـ 175.

17 ـ ذكر العلماء أن للإنسان عند المصيبة أربعة مقامات:

المقام الأول: الصبر ـ وهو واجب.

المقام الثاني: الرضا ـ وهو سنة على القول الراجح؛ والفرق بينه، والصبر، أن الصابر يتجرع مرارة الصبر، ويشق عليه ما وقع؛ ولكنه يحبس نفسه عن السخط؛ وأما الراضي: فإن المصيبة باردة على قلبه لم يتجرع مرارة الصبر عليه؛ فهو أكمل حالاً من الصابر.

المقام الثالث: الشكر: بأن يشكر الله على المصيبة.

فإن قيل: كيف يشكره على المصيبة؟

فالجواب: أن ذلك من وجوه:

منها: أن ينسبها إلى ما هو أعظم منها؛ فينسب مصيبة الدنيا إلى مصيبة الدين؛ فتكون أهون؛ فيشكر الله أن لم يجعل المصيبة في الأشد.

ومنها: احتساب الأجر على المصيبة بأنه كلما عظم المصاب كثر الثواب؛ ولهذا ذكروا عن بعض العابدات أنها أصيبت بمصيبة، ولم يظهر عليها أثر الجزع؛ فقيل لها في ذلك، فقالت: إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها.

المقام الرابع: السخط ـ وهو محرم ـ بل من كبائر الذنوب؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. ص180 ـ 181.

18 ـ من القول على الله بلا علم القول على الله بلا علم في أحكامه؛ مثل أن يقول: (هذا حرام) وهو لا يعلم أن الله حرمه؛ أو (واجب) وهو لا يعلم أن الله أوجبه؛ وهم كثيرون جداً؛ ومنهم العامة، ومنهم أدعياء العلم الذين يظنون أنهم علماء وليس عندهم علم؛ ومن الأشياء التي مرت علي، وهي غريبة: أن رجلاً ذهب إلى إمام مسجد ليكتب له الطلاق؛ فقال له: (طلق امرأتك طلقتين؛ أنا لا أكتب طلقة واحدة؛ لأن الله يقول: (الطلاق مرتان)؛ فقال له الرجل: (اكتب أني طلقت امرأتي مرتين)؛ وهذا جهل مركب مناف لمعنى الآية؛ لأن معناها أن الطلاق الذي يملك فيه الرجعة هو الطلقة الأولى، والطلقة الثانية؛ فإن طلقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. ص240.

19 ـ بعض الناس يسمون ملك الموت عزرائيل؛ ولكن لم يصح هذا. ص285.

بقية الفوائد تأتي تباعاً بإذن الله.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[28 Jun 2009, 06:49 م]ـ

20 ـ حدود الله نوعان:

حدود تمنع من كان خارجها من الدخول فيها، وهذه هي المحرمات؛ ويقال فيها: (فلا تقربوها).

حدود تمنع من كان فيها من الخروج منها؛ وهذه هي الواجبات؛ ويقال فيها: (فلا تعتدوها). ص349 ـ 350.

21 ـ كلما نقص الإنسان من تقوى الله كان ذلك دليلاً على نقص عقله (عقل الرشد) بخلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل، ودين)؛ فإن المراد بنقص العقل هنا عقل الإدراك؛ فإن مناط التكليف عقل الإدراك؛ ومناط المدح عقل الرشد؛ ولهذا نقول: إن هؤلاء الكفار الأذكياء الذين هم في التصرف من أحسن ما يكون؟ نقول: هم عقلاء عقول إدراك؛ لكنهم ليسوا عقلاء عقول رشد؛ ولهذا دائماً ينعى الله عليهم عدم عقلهم؛ والمراد عقل الرشد الذي به يرشدون. ص420.

22 ـ عرفات سمي لعدة مناسبات:

قيل: لأن الناس يعترفون هناك بذنوبهم، ويسألون الله أن يغفر لهم.

وقيل: لأن الناس يتعارفون بينهم؛ إذ أنه مكان واحد يجتمعون فيه في النهار؛ فيعرف بعضهم بعضاً.

وقيل: لأن جبريل لما علّم آدم المناسك، ووصل إلى هذا قال: عرفت.

وقيل: لأن آدم لما أهبط إلى الأرض هو وزوجته تعارفا في هذا المكان.

وقيل لأنها مرتفعة على غيرها؛ والشيء المرتفع يسمى عُرفاً؛ ومنه: أهل الأعراف، كما قال تعالى: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا)؛ ومنه: عُرف الديك لأنه مرتفع؛ وكل شيء مرتفع يسمى بهذا الاسم.

وعندي ـ والله أعلم ـ أن هذا القول الأخير أقرب الأقوال؛ وكذلك الأول: أنه سمي عرفات؛ لأن الناس يعترفون فيه لله تعالى بالذنوب؛ ولأنه أعرف الأماكن التي حوله. ص421.

23 ـ قال تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله).

أي يبيعها؛ لأن (شرى) بمعنى باع كقوله تعالى: (وشروه بثمن بخس) أي باعوه بثمن بخس؛ أما (اشترى) فهي بمعنى ابتاع؛ فإذا جاءت التاء فهي للمشتري الآخذ؛ وإذا حذفت التاء فهي للبائع المعطي. ص 451.

هذا ما من الله تعالى به من فوائد من المجلد الثاني ويليه بإذن الله فوائد من المجلد الثالث.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015