"للمكان علاقة تحسب لإنزال المعجزة فنزوله في مكة يباين نزوله لو كان في أي بقعة أخرى من البسيطة لذلك كان الأمر في مكة مختلفا عنه في المدينة في نظم القرآن وأسلوبه"

سأجيب على هذا السؤال من خلال نصوص القرآن، ولعلنا نرى وجه الإعجاز من وجهة مختلفة.

أولاً: اختلاف نظم القرآن وأسلوبه في العهد المدني عن العهد المكي -إذا افترضنا دقة العبارة- ليس راجعاً إلى اختلاف المكان وإنما والله أعلم راجع إلى اختلاف المواضيع وكذلك اختلاف المناخ الفكري بين العهدين المكي والمدني.

ثانياً: مكة كانت مهبط الوحي دون غيرها لأنه اختيار الله والأمر الذي سبق به قدره، والعجيب هو في كيفية نفوذ هذا القدر.

لقد اختار الله الخليل إبراهيم عليه السلام ليحمل شرف راية التوحيد في الأرض، وابتلاه الله تعالى بعدد من الابتلاءات ونجح فيه بمرتبة الشرف حتى بلغ منزلة أن يكون خليلا للرحمن.

ومن هذه الابتلاءات أمر الله تعالى له أن يضع فلذة كبده إسماعيل مع أمه في وادي مكة الذي انعدمت فيه يومئذ أسباب الحياة فاستجاب لأمر ربه وكانت منه تلك الدعوات الخالدات التي سجلها القرآن:

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)) سورة إبراهيم

واستجاب الله لدعائه فأمره ببناء البيت والأذان في الناس بالحج:

(وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)) سورة الحج

واستجاب الخليل لأمر ربه ورفع القواعد من البيت وفي أثناء ذلك توجه بدعوات خالدات أخرى:

(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)) سورة البقرة

واستجاب الله لدعوات خليله وجعل البلد آمنا ورزق أولاد إسماعيل:

(وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) سورة القصص (57)

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) سورة العنكبوت (67)

واستجاب الله لدعوات خليله وبعث محمداً صلى الله عليه وسلم في أبناء إسماعيل رحمة للعالمين.

واستجاب الله فجعل أفئدة من الناس تهوي إلى البلد الحرام، فهاهم المؤمنون يتوافدون على هذا البلد من كل فج عميق، يأتون بأفئدة متلهفة إلى بلد لم يسبق أن وطئته أقدامهم من قبل، وإلى بيت لم تكن أعينهم اكتحلت برؤيته يوما من الأيام، لا تربطهم بأهله صلة قربى ولا مصلحة دنيوية، مختلفي الألوان والألسنة والعادات ........

فما الذي جاء بهم إلى هذا المكان؟

ـ[ابن عربي]ــــــــ[30 Mar 2009, 05:07 م]ـ

قرأت جوابا لهذا السؤال في بعض المنتديان

والجواب كالتالي

مكة هي مركز الارض "

ومكة هو المكان الوحيد فوق الارض الذي يوجد مقابلا للبيت المعمور

لهذا خص بالوحي

قال تعالى:قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها

قد راى صلى الله عليه وسلم ان الاستجابة تأتي من البيت المعمور الذى هو في واجهة الحجر الاسعد والدعاء يصعد من أي مكان فيكون البعد لهذا طلب صلى الله عليه وسلم تغيير القبلةالي المسجد الحرام حتى يكون التقارب بين الدعاء والاستجابة" والله اعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015