ـ[طموح لا ينثنى]ــــــــ[27 Mar 2009, 07:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت فى احد الكتب المتخصصة فى دراسة الشبهات التى دارت حول القرآن تحت عنوان مكان الإعجاز: (للمكان علاقة تحسب لإنزال المعجزة فنزوله فى مكة يباين نزوله لو كان فى أى بقعة اخرى من البسيطة لذلك كان الأمر فى مكة مختلفا عنه فى المدينة فى نظم القرآن واسلوبه) فهل ممكن ان تساعدونى فى فهم هذا الموضوع بارك الله فيكم؟
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[27 Mar 2009, 09:08 م]ـ
السلام عليكم،
هذه محاولة سريعة لتجلية بعض حِكَم مكان النزول أخذتها عن شيخي:
أولاً: يقول سبحانه وتعالى:" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون". فأميّة الرسول عليه السلام تدفع الريبة، لأنه ليس باستطاعة الأمي أن يأتي بفتوح في عالم الفكر والتشريع ... ولم يشذ عن هذه القاعدة أحد عبر العصور إلى يومنا هذا. وما يقال في الشخص يقال في المكان؛ فلم يسبق أن قامت حضارة في مكة أو في محيطها تسمح للمتشكك أن يطرح تفسيراً لظهور الرسالة الإسلامية في مكة. فلا يوجد على هذه الأرض ذات الصخور السوداء الجرداء العقيم ما يسمح بالميلاد.
ثانياً: ينقل سيد قطب رحمه الله في تفسيره خبر انعقاد مؤتمر استشراقي ماركسي وذلك في بداية الخمسينات من القرن الماضي، ناقش نشأت الإسلام فخلص إلى النتيجة الآتية: ((يستحيل أن يكون محمد رجل واحد ويستحيل أن يكون في الجزيرة العربية)) وبما أننا نعلم على وجه اليقين أنه رجل واحد وأنه عاش ومات عليه السلام في الجزيرة العربية فإن ذلك يثبت أن الإسلام رباني المصدر. ولكن المستشرقين الماركسيين لم يكن بإمكانهم في حينه الاعتراف بذلك.
ثالثاً: أكرم الحوراني الذي أنشأ في بداية الخمسينات من القرن الماضي الحزب الإشتراكي العربي ثم توحد مع حزب البعث العربي فأصبحا حزب البعث العربي الإشتراكي. هذا الرجل أمضى حياته ملحداً، ولكنه قبل وفاته بدأ يتغيّر، وأعلن في مقال له أن هناك أموراً غيّرته، منها رحلة بالطائرة إلى المملكة السعودية حيث كان يتأمل الأرض من تحته فأدهشته الصحراء الهائلة التي تفصل مكة عن الحواضر شمالها، فبدأ يتسائل عن نشأة الإسلام ومعجزة خروج الصحابة فاتحين ....
رابعاً: من يتأمل بناء الكعبة يلاحظ أنها في غاية البساطة من الناحية المعمارية. والمعهود أن حضارات الأمم تنعكس في بناء معابدها. فبناء الكعبة إذن يشهد ببساطة المجتمع على مستوى التحضر.
خامسا: هذه البساطه وهذا البعد والانعزال عن الحضارات القديمة يشهد بربانية المصدر ويمنع من التأتيرات السلبية التي تعكر صفاء ونقاء التبليغ، وتحفظ من عوامل التحريف.
سادساً: هناك ما يقارب 2400 سنة بين إسماعيل ومحمد عليهما السلام. وهذا يعني أن مكة كانت مكان الاجتماع لآلاف السنين، مما ساعد على وجود لهجة (لسان) مشتركة تجمع العرب ألا وهي لهجة (لسان) قريش. يضاف إلى هذا ما استقر في ضمير العرب من القبول بقيادة قريش الدينية. ومن هنا نجد:"إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ... ". وهذا ما ساعد الخليفة الأول على إنهاء حركة التمرد المسماة حرب المرتدّين.
سابعاً: توجد مكة في مكان بعيد عن المطامع ويصعب اجتياز الصحراء للسيطرة عليها وهذا يعني أن عاصمة المسلمين الدينية معصومة جغرافياً. وعندما جاء أبرهة الأشرم بدافع ديني كانت العصمة بمعجزة ربانيّة المصدر. فهناك إذن حفظ لقبلة المسلمين وللجغرافيا دور في ذلك.
هذه أخي أفكار سريعة، فالقضيّة المطروحة يطول فيها الحديث.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Mar 2009, 09:48 م]ـ
يقول بن القيم رحمه الله تعالى في مقدمة زاد المعاد:
فَصْلٌ [الِاخْتِيَارُ دَالّ عَلَى رُبُوبِيّتِهِ سُبْحَانَهُ]
¥