قصة تحطيم إبراهيم عليه السلام للأصنام

ـ[عبدالرحمن الوشمي]ــــــــ[13 Mar 2009, 10:17 م]ـ

يقول الإمام ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه:ـ

بعث الله الرسل تأمر الناس بعبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه كما قال تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني برآء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين) فأخبر عن خليله إبراهيم أنه تبرأ من معبودات قومه إلا اله وحده وهو معنى (إلا الذي فطرني) فدل ذلك على أنهم يعبدون الله ويعبدون غيره ـ فلهذا تبرأ من معبوداتهم كلها سوى الذي فطرني أي خلقني على غير مثال سبق، ومن كان بهذه المثابة فهو المستحق أن يعبد وحده دون سواه ..

------------------------------------

الأصنام جمع صنم وهو ما جعل على صورة إنسان أو غيره يعبد من دون الله، أما الوثن فهو ما عبد من دون الله على أي وجه كان فهو أعم من الصنم، وقد قال إبراهيم الخليل أبو الأنبياء (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) أي اجعلني في جانب والأصنام في جانب وهذا أبلغ مما لو قال امنعني؛ لأنه إذا كان في جانب عنها كان أبعد، فإبراهيم يخاف الشرك على نفسه وهو خليل الرحمن وإمام الحنفاء، فما بالك بنا نحن إذن؟! .. ولا شك أن إبراهيم سأل ربه الثبات على التوحيد؛ لأنه إذا جنبه عبادة الأصنام صار باقيا على التوحيد.ـ

وقد بين الله عجز هذه الأصنام في قوله تعالى (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون .. ) الآيات .. وأنها لا تصلح أن تكون معبودة من أربعة وجوه وهي: 1ـ أنها لا تخلق، 2ـ أنهم مخلوقون من العدم فهم مفتقرون إلى غيرهم ابتداء ودواما، 3ـ أنهم لا يستطيعون نصر الداعين لهم وقوله (لا يستطيعون لهم نصرا) أبلغ من قوله (لا ينصرونهم) لأنه لو قال (لا ينصرونهم) فقد يقول قائل لكنهم يستطيعون، لكن لما قال (لا يستطيعون لهم نصرا) كان أبلغ لظهور عجزهم، 4 ـ أنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم ... وكذلك هذه الأصنام لا تبصر ولا تسمع كما قال إبراهيم لأبيه (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك من الله شيئا) فإذا كانت كذلك فأي شيء يدعو إلى أن تدعى من دون الله؟! .. بل هذا سفه كما قال تعالى (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) .. ـ

يقول الله عزوجل عن خليله إبراهيم عليه السلام (إنني برآء مما تعبدون إلا الذي فطرني) ولم يقل إلا الله .. وفي هذا فائدتان: 1ـ الإشارة إلى علة إفراد الله بالعبادة لأنه كما أنه منفرد بالخلق فيجب أن يفرد بالعبادة، 2ـ الإشارة إلى بطلان عبادة الأصنام لأنها لم تفطركم حتى تعبدوها، ففيها تعليل للتوحيد الجامع بين النفي والاثبات وهذه من البلاغة التامة في تعبير إبراهيم عليه السلام .. ـ

(من شرح العلامة العثيمين رحمه الله لكتاب التوحيد) ..

-----------------------------------------------------------------

وأما عن قصة تحطيم إبراهيم عليه السلام للأصنام فيقول العلامة العثيمين رحمه الله في نفسيره لسورة الصافات:ـ

قصص الأنبياء لا يعلمها إلا الله فلا نتلقى أخبارها إلا من الوحي الكتاب والسنة، وما جاء من غير الوحي فإنا نتوقف فيه ما لم نعلم مناقضته للشرائع، لذا نقتصر في قصصهم على ما ذكر الله تعالى .. ـ

أثنى الله على نبيه إبراهيم ووصفه بوصف عظيم (إذ جاء ربه بقلب سليم) من الشبهات والشهوات خالصا لله قصدا وإرادة وعملا، وهذا من عناية الله بنبيه عليه السلام .. وفيها بيان لقوة إبراهيم في ذات الله وأنه لا تأخذه في الله لومة لائم، حيث أنكر على قومه بقوله (ماذا تعبدون) وهذا استفهام للتوبيخ، كما وبخهم بقوله (فما ظنكم برب العالمين) إذا عبدتم غيره .. هل تظنونه ناقصا لا يستحق أن يعبد وحده، أو غافلا عن عملكم فيدعكم بدون عقوبة، أو أنه يرضى بأن يعبد معه غيره؟! .. فظنكم ظن خاطئ .. وهذا من سفه هؤلاء القوم وجهلهم .. ثم نظر نظرة في النجوم من أجل محاجة قومه وإظهار عجزهم .. ولأن قومه كانوا يعبدون النجوم ويضعون لها الهياكل في الأرض وأصل العبادة للنجوم، وإنما نظر فيها وهو لا يعتقدها من باب التورية بالفعل، فلما نظر فيها قال إني سقيم أي سأسقم وهذه أيضا تورية قولية لأن سقيم اسم فاعل وهو صالح للزمان الحاضر والمستقبل .. فتولى قومه عنه وتركوه إلا حراس الأصنام فمال وانطلق في خفية إلى أصنامهم وكان عندها طعام

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015