الإسلامي؛ بل تعداه إلى واقعنا الفكري المعاصر؛ حيث نشأت تيارات تأويلية فاقت كل الفرق التراثية، ومن ذلك تيار الحداثة وما بعد الحداثة، والحداثة مصطلح عسير التحديد مضطرب الحدود محمل بمعان ومضامين فيها كثير من الخطورة، ورغم اختلاف التعريفات في ذلك؛ إلا أن هذه التعريفات تتفق جميعها في القضاء على فكرة الثابت والمؤسسي واستبدالها بفكرة الصيرورة الدائمة والتحول المستمر؛ إذ أن الإنسان المستقل – عندهم - هو المركز والمصدر والمنطلق وهو المعيار والمقياس لكل شيء، ومن هنا نشأت قضايا مثل " موت المؤلف " و " انتهاء المتعاليات " و " أنسنة المقدس " ونحوها. وفي هذا المضمار أيضاً نشأ النقد الثقافي الذي هو عبارة عن رؤية شمولية معززة بآليات نقدية مثل المجاز الكلي والتورية الثقافية ونحوها، وهنا يتم تحميل النص ما لم يرده قائله. وقد دارت هذه الفكرة عموماً على الهدم والتقويض؛ وكان لها أدواتها في ذلك؛ مثل:

أ-الأدوات اللغوية مثل " تفجير اللغة" الذي يهدف إلى القضاء على التعبير الثابت؛ وتحويله عن طريق المجاز والتأويل الشامل.

ب-التشكيك في الحقائق التاريخية الثابتة ومحاولة إحياء فكر الأقليات المنحرفة؛ نحو الباطنية والقرامطة والصوفية المتطرفة وغيرها من الفرق المشتطة في تأويلاتها؛ ولهذا صار من مفاهيم الحداثة " الصراع بين النظام القائم على السلفية والرغبة العاملة على تغيير هذا النظام".

وفي هذا الإطار نشأ مصطلح النص المفتوح – وهو من مصطلحات ما بعد الحداثة، وهذا المصطلح يعني أن النص قابل للتأويل المستمر والتحول الدائم؛ إذ أنه يتعدد بتعدد القراء، ولا شك أن القراء ليسوا على شاكلة واحدة؛ إذ تختلف طبائعهم وثقافاتهم ونفسياتهم وأحوالهم، وهم يحملون سائر هذه الأحوال إلى النص الذي غدا النظر إليه نسبياً غير موضوعي؛ وبذلك يحمّل من المعاني والمضامين ما لم يرده قائله حتى ليقول فيه من شاء ما شاء، فالقراءة - عندهم - هي خلق جديد للنص واكتشاف أبعاد فيه ربما لم تكن مقصودة في نشأته الأولى، وبهذا يتغير معنى النص ويتم تأويله حسب الأحوال والفروق والبيئات والحضارات والعصور، وقد ألفت كثير من الكتب التي تناولت النص الديني من هذه الوجهة

والحق أن هذه الرؤية الحداثية التي انتقلت إلينا من الفكر الغربي، وإن بدأت بالنص الأدبي ثم تحولت إلى النص الديني؛ فإنها في الفكر الغربي لم تكن نتاج النظريات الأدبية في القرن العشرين؛ وإنما انطلقت - ومنذ تاريخ طويل - من الدين، حيث نشأت في إطار الجدل الذي ثار حول النظر إلى الإنجيل حينما حطم لوثر النظام القائم، ودعا إلى مسألة تعدد المعاني في الكتاب المقدس، وهذا يعني أن كل اختلاف في التأويل إنما هو موجود أصلاً في النص، وبهذا يتحول معنى النص لصالح المعنى الذي عند المتلقي؛ فيترسخ لذلك مبدأ الحرية في التأويل ويحطم المرجع الواحد الذي تحاكم على أساسه التأويلات وتقام مقامه مرجعيات متعددة بتعدد الذوات المؤولة، وهو ما يسميه تودورف Todorov" بالعدمية، وهذه العدمية – عنده – تجيء بشكل مباشر من انهيار العقائد المشتركة لكل المجتمع، وبذلك يصبح النص مفتوحاً وقابلاً لكل التأويلات المتقاربة بل و المتناقضة أيضا

مصادر الدراسة:

1/ ابن الأثير: ضياء الدين: المثل السائر تحقيق محمد محي الدين ط/1 المكتبة العصرية بيروت 1995م.

2/ الازراري: تقي الدين أبو بكر بن عبد الله الحموي خزانة الأدب تحقيق عصام شيعتو ط / مكتبة الهلال بيروت 1987م.

3/ الأصفهاني: أبو الفرج الأغاني: تحقيق سمير جابر ط/ دار الفكر بيروت.

4/ الإمام البخاري: محمد بن إسماعيل: صحيح البخاري، تحقيق مصطفى ديب البغا ط/3 دار ابن كثير بيروت سنة1987م،

5/ البيضاوي: عبد الله بن عمر الشيرازي: تفسير البيضاوي ط/ دار الفكر بيروت 1996م.

6/ التلمساني: أحمد ببن مجمد: نقح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: دار صادر بيروت 1968م

7/ ابن تيمية:

- العقيدة الأصفهانية تحقيق إبراهيم سعيداى ط/ 1 مكتبة الرشيد الرياض 1415هـ

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ط/ مكة 1404هـ.

8/ الثعالبي: عبد الملك بن محمد: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط/ القاهرة 1965م.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015