ـ[محمد رشيد]ــــــــ[26 Feb 2009, 04:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبعد ..
لا شك في واقعية ما نراه من اختلاط في مفهوم التعامل مع أهل الكتاب ـ وأقصد واقعا النصارى الذين يعيشون بيننا ـ فيرى المسلم الغيور ولاءا وانتصارا من بعض المنتسبين للإسلام، في صالح البعض من مجاذيب الصليب .. وحين يتقدم للإنكار وتصحيح العقيدة ـ ومقتضاها الولاء والبراء وفق ما تمليه هذه العقيدة ـ فإنه يرى استدلالات بنصوص القرآن في غير موضعها، مما يبرز بوضوح وقوع اللغط والغلط التصوري حول تلك النصوص ..
فكان أن اقتطعت تلك المقتطعات التربوية من ظلال القرآن ـ والتي تميزت بعدم افتقارها للتعليق عليها أو توضيحها ـ لتنير فهم المسلمين، وتعكس لهم ظل قرآنهم على تلك القضية العقيدية الجذرية، والتي يدل اختلالها على خطر عظيم ليس هذا مجال بيانه، وإنما قد بينه الكثير من أئمتنا، وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ورضي عنه ـ فيمكن الرجوع إلى مشهور مصنفاته، أو مصنفات غيره ممكن كتبوا في تلك القضية، وهم كثر .. والله تعالى ولي التوفيق .. وأترككم مع المقاطع ..
جاء في ظلال القرآن:
(إن سماحة الإسلام مع أهل الكتاب شيء، واتخاذهم أولياء شيء آخر، ولكنهما يختلطان على بعض المسلمين، الذين لم تتضح في نفوسهم الرؤية الكاملة لحقيقة هذا الدين ووظيفته، بوصفه حركة منهجية واقعية، تتجه إلى إنشاء واقع في الأرض، وفق التصور الإسلامي الذي يختلف في طبيعته عن سائر التصورات التي تعرفها البشرية؛ وتصطدم - من ثم - بالتصورات والأوضاع المخالفة، كما تصطدم بشهوات الناس وانحرافهم وفسوقهم عن منهج الله، وتدخل في معركة لا حيلة فيها، ولا بد منها، لإنشاء ذلك الواقع الجديد الذي تريده، وتتحرك إليه حركة إيجابية فاعلة منشئة. .
وهؤلاء الذين تختلط عليهم تلك الحقيقة ينقصهم الحس النقي بحقيقة العقيدة، كما ينقصهم الوعي الذكي لطبيعة المعركة وطبيعة موقف أهل الكتاب فيها؛ ويغفلون عن التوجيهات القرآنية الواضحة الصريحة فيها، فيخلطون بين دعوة الإسلام إلى السماحة في معاملة أهل الكتاب والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه مكفولي الحقوق، وبين الولاء الذي لا يكون إلا لله ورسوله وللجماعة المسلمة. ناسين ما يقرره القرآن الكريم من أن أهل الكتاب. . بعضهم أولياء بعض في حرب الجماعة المسلمة. . وأن هذا شأن ثابت لهم، وأنهم ينقمون من المسلم إسلامه، وأنهم لن يرضوا عن المسلم إلا أن يترك دينه ويتبع دينهم. وأنهم مصرون على الحرب للإسلام وللجماعة المسلمة. وأنهم قد بدت البغضاء من أفواهم وما تخفي صدورهم أكبر. . إلى آخر هذه التقريرات الحاسمة.
إن المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب، ولكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر والتحالف معهم. وإن طريقه لتمكين دينه وتحقيق نظامه المتفرد لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب، ومهما أبدى لهم من السماحة والمودة فإن هذا لن يبلغ أن يرضوا له البقاء على دينه وتحقيق نظامه، ولن يكفهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه والكيد له. .
وسذاجة أية سذاجة وغفلة أية غفلة، أن نظن أن لنا وإياهم طريقاً واحداً نسلكه للتمكين للدين! أمام الكفار والملحدين! فهم مع الكفار والملحدين، إذا كانت المعركة مع المسلمين!!!
وهذه الحقائق الواعية يغفل عنها السذج منا في هذا الزمان وفي كل زمان؛ حين يفهمون أننا نستطيع أن نضع أيدينا في أيدي أهل الكتاب في الأرض للوقوف في وجه المادية والإلحاد - بوصفنا جميعاً أهل دين! - ناسين تعليم القرآن كله؛ وناسين تعليم التاريخ كله. فأهل الكتاب هؤلاء هم الذين كانوا يقولون للذين كفروا من المشركين: (هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً}. وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين ألبوا المشركين على الجماعة المسلمة في المدينة، و كانوا لهم درعاً وردءاً. وأهل الكتاب هم الذين شنوا الحروب الصليبية خلال مائتي عام، وهم الذين ارتكبوا فظائع الأندلس، وهم الذي شردوا العرب المسلمين في فلسطين، وأحلوا اليهود محلهم، متعاونين في هذا مع الإلحاد والمادية! وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين يشردون المسلمين في كل مكان.
¥