- اتخاذ الزاد في الأسفار، وهو رد على الصوفية الجهلة الأغمار، الذين يقتحمون المهامة والقفار، زعما منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار؛ هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد. وفي الحديث: إن ناسا من أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس، فأنزل الله تعالى {وتزودوا} (البقرة: 197).
- في قوله: {وما أنسانيه إلا الشيطان} فيه جواز إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره.
- في إيقاع النسيان على اسم الحوت دون ضمير الغداء مع أنه المأمور بإيتائه قيل: للتصريح بما في فقده إدخال السرور على موسى عليه السلام مع حصول الجواب.
- العلم اللدني هو علم الوحي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل " أنه لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه، وما يتقرب إليه به من فعل وترك إلا عن طريق الوحي. فمن ادعى أنه غني في الوصول إلى ما يرضي ربه عن الرسل، وما جاؤوا به ولو في مسألة واحدة فلا شك في زندقته. والآيات والأحاديث الدالة على هذا لا تحصى، قال تعالى: {وما كنا معذبين حتى? نبعث رسولا} ولم يقل حتى نلقي في القلوب إلهاما ... وبذلك تعلم أن ما يدعيه كثير من الجهلة المدعين التصوف من أن لهم ولأشياخهم طريقا باطنة توافق الحق عند الله ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع، كمخالفة ما فعله الخضر لظاهر العلم الذي عند موسى زندقة، وذريعة إلى الانحلال بالكلية من دين الإسلام، بدعوى أن الحق في أمور باطنة تخالف ظاهره " قاله الشنقيطي رحمه الله.
- أنه قال على أن: {تعلمني} وهذا إقرار له على نفسه بنقص العلم وعلى أستاذه بالعلم. قاله الرازي. " وهذا بخلاف ما عليه أهل الجفاء والكبر الذين لا يظهرون للمعلم افتقارهم إلى علمه بل يدعون أنه يتعاونون هم وإياه، بل ربما ظن أحدهم أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه من أنفع شيء للمتعلم "
- أن السبب الكبير لحصول الصبر إحاطة الإنسان علما وخبرة بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته ولا فائدته وثمرته ليس عند سبب الصبر، لقوله {وكيف تصبر على ما لم تحط به صبرا} فجعل الموجب لعدم صبره عدم إحاطته خبرا بالأمر.
- أن المعلم إن رأى أن في التغليظ على المتعلم ما يفيده نفعا وإرشادا إلى الخير. فالواجب عليه ذكره فإن السكوت عنه يوقع المتعلم في الغرور والنخوة وذلك يمنعه من التعلم.
- في قول موسى {أخرقتها لتغرق أهلها} كمال شفقة موسى عليه السلام، ونصحه للخلق، فلم يقل {لتغرقنا} فنسي نفسه، في الحالة التي لا يلوي فيها أحد على أحد!.
تأملات للشيخ الدكتور عبدالعظيم بدوي:
---------------------------
= مهما علا كعبُ الإنسان في العلم، و ارتفعتْ درجتُه فيه إلا أنَّه سيظل هناك من هو أعلمُ منه ولو في بعض العلوم فإن الله - تبارك وتعالى – قال ? وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ? [يوسف: 76]. فموسى – عليه السلام – على جلالة قدره لمَّا علم أنَّ على وجه الأرض من هو أعلم منه سَأَلَ الوصولَ إليه وخرج إليه وطلب لقاءه ليتعلم منه.
= قال العلماء في طلب موسى – عليه السلام – من الغلام أن يأتي بغدائهما ? آَتِنَا غَدَاءَنَا ? في ذلك تواضع موسى – عليه السلام – حيث لم يقل: للفتى آتني غدائي، ولم يقل: أحضر لي الطعام وإنما قال: ? آَتِنَا غَدَاءَنَا ? فيستفاد من ذلك: أنه ينبغي لمن وَّسع الله تعالى عليه واتخذ الخادم في الحضر أو في السفر أنْ يُكرم هذا الخادم وأن يحسن صحبته وأن يطعمه مما يأكل وأن يكسوه مما يكسى، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرنا بذلك، أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بإكرام الخادم وإطعامه وكسوته.