وأنا في انتظار مقطوعاتك الرائعة، ولكن أتمنى لو تبتعد قليلا عن الكلام المرسل الخطابي وتقترب من الأسلوب العلمي الذي يعتمد الدليل والبرهان.
وعلى الرحب والسعة.
والود والمحبة في الله موصولة بإذن الله
ـ[عبدالرحمن الوشمي]ــــــــ[31 Mar 2009, 09:33 م]ـ
?وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً?
1 - ذكر الربط هنا يدل على القوة في التثبيت، وذلك لأنه كناية عنها، والكناية تدل على المعنى، وتذكر دليله، ودليل القوة هنا هو الربط، يقول الشنقيطي:" ويفهم من هذه الآية الكريمة: أن من كان في طاعة ربه جل وعلا، أنه تعالى يقوي قلبه، ويثبته على تحمل الشدائد، والصبر الجميل ".
2 - كون المربوط عليه وهو (القلب) (على قلوبهم) يشعر بأن شأنهم أن يخافوا، وفيه دليل على عظم التهديد الذي واجهوه، لكن الله ربط على قلوبهم، فتحملوا ذلك، وهدأت نفوسهم، وكثيراً ما يذكر هذا الأسلوب مع الخائفين، كما هو حال أم موسى عليه السلام ?وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ? [القصص: 10].
3 - "وتعدية فعل (ربطنا) بحرف الاستعلاء للمبالغة في الشد، لأن حرف الاستعلاء مستعار لمعنى التمكن من الفعل".
4 - ذكر القيام هنا أشكل على المفسرين، ما المراد منه؟ فقيل إنهم قاموا من نومهم فقالوا: ?رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً?، أو أنهم قاموا عند الملك فقالوا ذلك، والذي يظهر لي أن القيام يدل على اهتمامهم، وانشغال همهم بالأمر الذي أخرجهم، وهو الإيمان والدعوة إليه، ولهذا نجد أن ما يناسب الربط على قلوبهم هو قيامهم عند الملك، لأنه موقف محفوف بالخطر.
5 - هنا ذكر لقولهم الثاني: ?فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً?، ونلحظ فيه ذكر كلمة (رب) وتكرارها كما هو الحال في قولهم الأول.
6 - تعريف الرب سبحانه بالإضافة إلى ضميرهم، ثم إلى السموات والأرض، فيه تشريف لأنفسهم، وافتخار بمعبودهم أمام مَلَئِهم.
7 - ذكر (السماوات والأرض) هنا وإضافة الرب إليها للإشعار بأن مسير السماوات والأرض وحافظها هو من ندعوه سبحانه ليحفظنا، وهو من نعبده ونوحده.
8 - النفي بـ (لن) في (لن ندعو) للإشعار باستمرار ذلك في المستقبل، ولو قيل: لا نعبد لما أفهم ذلك.
9 - ذكر (الدعاء) دون (نعبد)، لأن الدعاء هو العبادة، وهو أظهر ما يصرفه المشركون لغير الله، ويقول ابن عاشور:"وذكروا الدعاء دون العبادة لأن الدعاء يشمل الأقوال كلها من إجراء وصف الإلهية على غير الله، ومن نداء غير الله عند السؤال".
10 - وصف الإله بـ (من دونه) للإشعار بدونية ذلك المدعو، وتقديم الجار والمجرور على المفعول (إلهاً) دون أن يقال (لن ندعو إلهاً من دونه) للاهتمام بإظهار أمر الدونية هذا، وأنه بحد ذاته كاف لترك دعائه.
11 - ذكر وصف الألوهية دون الربوبية بأن يقال (رباً) لأن الربوبية مما لا يستطيعون إدعاءه لعجزهم، وعجز معبوداتهم عن ذلك.
12 - مجيء كلمة (إلهاً) منكرة تدل على أن هذا الوصف والحكم صالح مع كل إله من دون الله.
13 - اللام في (لقد) موطئة للقسم، وهي تدل على التوكيد، ومجيء (قد) داخلة على الماضي تدل على التوكيد أيضاً، فعلم من ذل شدة اهتمامهم بما يقولون، وأنهم لو دعوا غير الله لكانوا بذلك قد جاوزوا الحد في مجانبة الحق.
14 - ذكر مادة (الشطط) هنا، ومجيئها بالمصدر دليل على المبالغة الشديدة في مجاوزة الحد في مجانبة الصواب، وفيها إلماحة إلى وضوح دلائل الإيمان، وأن من حاد عنه فقد شط وأبعد، يقول الشنقيطي:" وهذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن من أشرك مع خالق السموات والأرض معبوداً آخر فقد جاء بأمر شطط بعيد عن الحق والصواب في غاية الجور والتعدي".
?هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً?
¥