ـ[محمد رشيد]ــــــــ[21 Feb 2009, 05:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبه/ محمد رشيد
الحمد لله وبعد ..
فكم كنت مشتاقا ـ وقد رزقني الله سبحانه شبق القراءة والاطلاع والطلب ـ أن اقدم (إنجازا) حقيقيا لله عز وجل، نعم، إن كلماتي تلك لا مبالغة فيها، فقد درست الفقه والأصول وعلوم الآلة دراسة حرة وأكاديمية، وجربت المناهج والطرق والتوجهات وانشغلت بها سنينا، ولكن .. أين كل ذلك من العمل الحقيقي الذي يرضي الله جل وعلا؟
لنكن صادقين مع أنفسنا وصريحين في مجابهتها بحقيقتها وواقعيين في نظرتنا لتقييم الأمور .. إن دين الله جل وعلا لم ينزله الله لهذه الدراسات التي كنا ـ في حقيقة الأمر ـ نتمتع بها ونخدم من خلالها ميولنا النفسية تجاه الدراسة والتحقيق بحيث تعكس كل نفس ميولها الدراسية فتروي من خلال الدراسات تلك الميول الذاتية متذرعة مغطاة في ذلك كله بأن هذا هو علم شرعي يرضي الله جل وعلا .. فإذا بالنفس اللوامة تخدع فتستكين، أو تكمم فينكتم صوتها إلى حين .. إن دين الله جل وعلا نزل ليكون عبادة حية وحركة خاضعة من ضمن حركات الكون .. } وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون { ..
وحينما ننظر إلى تعريف (الفقه) اصطلاحا فهو: " العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبط ـ أو المستنبطة ـ من الأدلة التفصيلية " .. هل لاحظت؟ إنه الأحكام العملية .. فدين الله عمل، وذاك هو الأصل والغالب فيه .. وحينما تكون الأمور التي نتعبد بها هي نظرية أو تصورية لا عملية فإن ذلك نابع من طبيعة تلك الأمور في ذاتها، لا من حيث إن العبادة هي تصور فقط أو هي نظرية ابتداءا ..
إنه .. ودون جدال، لابد من التحرك بالدين ليتحقق الدين، وهو مراد الله تعالى الذي علينا تحقيقه، ولا تعلق لنا بما وراء ذلك قيد أنملة. والجدال في ذلك هو جدال لا يستحق الاحترام ولفت الانتباه ـ.
ولكن .. كما يقال: الطريق الوحيد لعدم التعثر هو أن تظل مكانك لا تتحرك .. ولكني أضيف عليه: وبقاؤك هو قرارك في القاع وهو منتهى التعثر وآخره. من هنا كانت مواجهة تلك الإشكالات هي الخيار الرباني الذي لا محيص عنه .. فعليك ربنا توكلنا .. وبك استعنا ..
حيرة الأريب ..
إن الأريب ليحتار حين يسلك ـ واقعا ـ طريقه التربوي على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا من الكتاب أو السنة ـ حاشاهما ـ وإنما هو من الملابسات وسوء التصورات التي هي من سمات البشر والتي تظهر ـ تقريبا ـ في كل ممارسة لهم واقعية، في حين أن عامل الهداية والاستبصار هو متحقق في ذات المصدر الذي يعلن العاملون ـ نظرا ـ أنهم ساعون في إقامته.
مناط الخلل في تصور المنهج:
إن مناط الخلل في تصور المنهج التربوي ـ العملي ولا يكون إلا عمليا ـ هو تخطينا الذهني لأبسط المعالم والمحطات التربوية في الكتاب والسنة التي نعرفها جميعا ويعرفها أطفالنا .. وتصورنا أن الأمر طالما تعلق بالتربية فهو قضية معقدة تحتاج إلى كثير تأمل وبحث وتنقيب، وتحتاج إلى أدوات الاجتهاد الفروعية .. إلى غير ذلك من تصورات الواقع .. والأمر في حقيقته أوضح في دين الله من ذلك! دعونا على المعالم ..
معالم التربية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
دعونا لا نتخطى المعالم الواضحة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .. دعونا نحاول أن نطبق ـ وبكل يسر ودون تعقيد ـ منهج القرآن التربوي وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم مترجما له إلى واقع البشر الحركي العملي ـ ولا يكون إلا كذلك ـ ولكن كيف يكون ذلك؟ .. إنه يكون بداية بتصورنا لطبيعة وحدة الفعالية التربوية في الجيل الأول من المسلمين .. وهذه الوحدة الفعالة ترتكز في محورها على طبيعة الخطاب التربوي الذي يتنزل إليهم ويبلغهم إياه مربيهم العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ويحوله ـ من خلالهم ـ إلى واقع عملي حركي مشاهد بالعين مسموع بالأذن.
فحص تنزلات القرآن .. هي نقطة الانطلاق
¥