وقد بوب الإمام البخاري في جامعه الصحيح:

(باب كفران العشير وكفر دون كفر).

ونقل ابن حجر عن القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه أن مراد المصنف أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا ..

لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة ..

قال: ويؤخذ من كلامه مناسبة هذه الترجمة لأمور الإيمان من جهة كون الكفر ضد الإيمان وأما قول المصنف وكفر دون كفر فأشار إلى أثر رواه أحمد في كتاب الإيمان من طريق عطاء بن أبي رباح وغيره .. اهـ

الختام وهو التفصيل

فقد قال قوم: إن الحاكم والمشرع بغير ما أنزل اله لا يكون كافرا كفرا أكبر بل هو كفر دون كفر .. وكفر لا ينقل عن الملة.

وقال آخرون بضده وهو:

إن الحاكم والمشرع بغير ما أنزل الله يكون كافرا كفرا أكبر ينقل عن الملة ...

والحق في المسألة التفصيل،، وهو:

إن كان مبدلا بالكلية أو جاحدا للشرع أو مستحلا لحكم غيره أو مفضلا ومستحسنا للحكم الوضعي عليه، يكفر كفرا أكبر يخرج به من الملة ..

وإن كان في مسألة أو مسائل مضطرا أو مقهورا مع علمه بأحقية حكم الله فهو عاص مرتكب لكبيرة، ومرتكب الكبيرة على مذهب أهل السنة لا يخرج من الملة ولا تنطبق عليه أحكام الكفار ..

وإن كان لا يمكن محو لفظ الكفر عنه بعد إذ أطلقه الله ورسوله عليه كما قال ابن القيم في رسالته حكم تارك الصلاة.

فالمحققون من أهل السنة يرون أن الحاكم بغير ما أنزل الله لا يكفر كفرا يخرج من الملة إلا إذا جحد ما أنزل الله أو استحل القوانين الوضعية أو بدل حكم الله بالكلية ..

وهو قول إمامي العصر الشيخ الألباني والشيخ ابن باز رحمهما الله وهذا هو الحق الذي لا مرية.

فتوى ابن عثيمين في واضعي القوانين الوضعية:

قال رحمه الله:

ولهذا نرى أن الذين يضعون قوانين تخالف الشريعة ليحكم بها بين عباد الله وفي عباد الله، نرى أنهم على خطر عظيم سواء حكموا أو لم يحكموا ..

ونرى فرقا بين شخص يضع قانونا يخالف الشريعة ليحكم الناس به، وشخص آخر يحكم في قضية معينة بغير ما أنزل الله، لأن من وضع قانونا ليسير الناس عليه وهو يعلم مخالفته للشريعة ولكنه أراد أن يكون الناس عليه فهذا كافر كفرا أكبر مخرج من الملة، ولكن من حكم في مسألة معينة يعلم فيها حكم الله ولكن لهوى في نفسه فهذا ظالم أو فاسق، وكفره إن وصف بالكفر. اهـ

من لقاءات الباب المفتوح (1/ 186) ط دار البصيرة، اللقاء السادس ..

ولابد لنا من التفرقة بين من يدرس القوانين الوضعية في الجامعة وبين من يشرع القوانين الوضعية لتحل محل شرع وحكم الله.

وأخيرا: من أراد التوسع فليرجع إلى كتب العقيدة ليرى كلام العلماء عن أنواع الكفر الستة وهي:

كفر التكذيب – كفر الجحود - كفر العناد – كفر النفاق - كفر الإعراض – كفر الشك ..

وسيجد التفصيل في نوعي الكفر الأكبر المخرج من الملة والكفر الأصغر غير المخرج من الملة ..

وتفصيلهم على ما أطلقوا عليه: الكفر العملي والكفر الإعتقادي ..

فهذا المقال لا يتسع لشرح ذلك ..

وعلى من يتهم علماء العصر بأنهم مرجئة أن يتقي الله عز وجل ..

وليراجع كتب العقيدة ليعرف رأي علماء أهل السنة ..

ومن لا يطرق الباب من الخارج سيقتحم السراب ..

وأخيرا: أنبه على خطورة التكفير

إياكم إخواني والخوض في مسائل التكفير .. فإنها والله الداهية الكبرى ..

في صحيح البخاري من حديث ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ... ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله ..

وفي الصحيحين: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ..

وقال التابعي الجليل العلاء بن زياد فيما نقل عنه::

ما يضرك شهدت على مسلم بالكفر أو قتلته.

وقال أبو حامد الغزالي وهي من درره ومما صح عنه:

الخطأ في ترك ألف كافر في الحياة، أهون من الخطأ في سفك دم أمريء مسلم بتكفيره ..

وقال القرطبي أبو عبد الله:

وباب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا.

ومن درر شيخ الإسلام ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم الحراني قوله:

من ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك. اهـ

والشك حاصل بالاختلاف المنثور في كتب طلاب العلم وردودهم على بعضهم البعض وتنابزهم بالألقاب، وسب بعضهم بعضا ..

نسأل الله السلامة والعصمة من دماء المسلمين ..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..

وأستغفر الله من الخطأ والزلل.

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[20 Feb 2009, 04:29 ص]ـ

جهد طيب .. أحسن الله إليك

ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[20 Feb 2009, 05:59 ص]ـ

سلمت أخي محمد ..

بارك الله فيك ..

وسدد خطاك ..

آمين.

ـ[آبومصعب]ــــــــ[20 Feb 2009, 10:10 ص]ـ

بورك فيك بحث طيب وجهد أحييك عليه ..

والتكفيير باب عظيم وخصوصا المعين .. نعوذ بالله من القول دون علم ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015