ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[10 Feb 2009, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد:
فهذه هي الحلقة السابعة من المهمات في علوم القرآن لفضيلة شيخنا خالد السبت وفقه الله لكل خير وهي في موضوع غاية في لأهمية ألا وهو موضوع
الموضوع السادس:
الناسخ والمنسوخ
وهذا الموضوع يعد من أهم الموضوعات التي يحتاجها المفسر و الفقيه، ولا يجوز لأحد أن يتكلم في الفقه والأحكام، أو في معاني القرآن وهو لا يعرف الناسخ و المنسوخ، وقد كثر كلام السلف رضي الله تعالى عنهم في بيان هذا المعنى، فيقولون: إن من لا علم له بالناسخ والمنسوخ، فلا يجوز له أن يفسر القرآن، ويقصدون بذلك معنى أعم من معنى النسخ الذي نتحدث عنه، وهو:.رفع الحكم الشرعي إلى آخره ـ كما سيأتي بل يوسعون المعنى حتى يدخل فيه تقييد المطلق، وتخصيص العام ورفع الحكم الذي هو النسخ بالمعنى المتأخر، و بيان المجمل .. وهكذا، كل ما يعرض للنص العام أو المطلق يسمونه نسخا.
معنى النسخ:
النسخ في اللغة:
النسخ في لغة العرب يطلق على معنيين:
الأول: النقل أو ما يشبهه: مثل ما يقال تناسخ الأرواح؛ أي: تنتقل الروح من هذا إلى هذا في اعتقاد هؤلاء المنحرفين، وأما قولنا: أو ما يشبه النقل، فإنما عبرنا بما يشبه النقل لأن هذا أدق، فأنت حينما تنسخ الكتاب هل تكون نقلت نفس الحروف المنقوشة من الكتاب الأول إلى الكتاب الثاني؟ أم أنك نقلت صورة هي نظير ما في الأصل؟ الثاني هو الواقع، فلم ينتقل الذي في الأصل برمته وإنما أوجدنا نسخة أخرى منه، فهذا يشبه النقل.
إذاً فالمعنى الأول للنسخ في كلام العرب هو: النقل أو ما يشبهه.
المعنى الثاني: الإزالة و الرفع، وهذه الإزالة على وجهين:
أ - ما كان على سبيل الانعدام، أي إزالة على سبيل الانعدام:
مثل: نسخت الريح الأثر، فهل يحل شيء آخر مكان الأثر الذي زال؟ الجواب: لا. فهذه إزالة على سبيل الانعدام.
ب - ما كان على جهة الانتقال:
مثاله: نسخ الشيب السواد. أو نسخ الشيب الشباب. يعني أن الشيب حل محل قوة الشباب ونضارته، فهنا حصل انعدام لشيء لكن حلّ مكانه شيء آخر
فانعدم الشعر الأسود إلى بدل وهو (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (مريم: من الآية4) وهكذا حينما تقول نسخت الشمس الظل.فهذا إلى بدل،حيث زال الظل وجاء مكانه الشمس.
هذا ما كان على جهة الانتقال.
معنى النسخ عند السلف؟!
النسخ عند السلف يأتي بمعنى البيان؛ فيشمل تخصيص العام، وتقييد المطلق، وبيان المجمل، ورفع الحكم من أصله، وهو النسخ بالمعنى الذي نذكره الآن ..
حتى أن السلف رضي الله عنهم، يسمون الاستثناء والشرط، وكذلك الصفة نسخا؛ لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ في لسانهم: هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه مطلقاً، فكل ما يعرض عندهم للنص العام، أو المطلق أو المجمل يسمونه نسخاً، بالإضافة إلى الرفع الذي نتحدث عنه.
ومن نظر في كثير مما ينقل عنهم من الروايات في التفسير، وفي كتب الناسخ والمنسوخ، مما يقولون فيه هذه الآية نسخت هذه الآية، أو هذه الآية منسوخة بكذا، وهو كثير ولربما يكون بالمئات، فيظن من لا علم له بمنى النسخ عند السلف، أن مرادهم بها النسخ بمعناه الخاص الذي نتحدث عنه، وهذا ـ كما سيأتي ـ هو أحد أهم الأمور التي كثرت دعاوى النسخ في بعض كتب الناسخ والمنسوخ بسببها، بينما الواقع أن الآيات المنسوخة حقيقة هي آيات قليلة جداً، وأشهر الآيات التي وقع فيها الكلام هي إحدى وعشرون آية، نظمها السيوطي، وشرحها شرحا مختصراً الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في ملحق في آخر أضواء البيان، وهذه الآيات لا يثبت نسخها جميعاً، بل بعضها يثبت وبعضها لا يثبت.
معنى النسخ عند المتأخرين:
وأما عند المتأخرين ــ وهو المعنى الذي عقد من أجله هذا الدرس ــ فهو:
رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه.
أو يمكن أن نقول على سبيل الاختصار هو: رفع الحكم الشرعي بخطاب متراخ
فهذا التعريف اشتمل على جملة من القيود أذكرها مضمنةً بعض الفوائد:
¥