تفنيدِ بعضِها مما هو ألصَقُ بالبحث لا التحقيقِ، ومنهم من يكتُبُ ترجمةً مستفيضةً لرجال الأسانيد وأعلامِ المتون من رجالٌ ومواضيعَ ناقلاً ما ذكرتْه كتبُ التراجِم عنهم حتى لَتَطْغى الحواشي على متن الكتاب، وهذا ليس من غرَض التحقيق، وفي رأيي أن خدمةَ النصِّ بعد ضبطه تكونُ بالقَدْر الضروريِّ لحَلِّ ما يُشْكِلُ على القارئ مع الإحالة على مصدرٍ أو مصدرَيْنِ يفصِّلانِ ذلك دون إثقالِ النصِّ المحقَّقِ والطغيانِ عليه" (7).

رابعاً: إمكانية طباعة الكتاب مستقبلاً:

سبقت الإشارة أن الجامعة الإسلامية ممثلةً في قسم التفسير بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية تعتزم طباعةَ الكتابِ بعد تمام تحقيقه ثم مراجعتِه مراجعةً كاملةً وتحكيمِه –كما أفاد د. محمد العواجي في ردِّه- بل إن قسمَ التفسير يهدِفُ في المقام الأول من تسجيل الكتاب في رسائل (دكتوراه) إلى طبع الكتاب ونشرِه، وهو الذي طرح فكرةَ تحقيقِ الكتابِ بادئَ الأمرِ لأجل هذا الغرضِ، ولتحقيقِ هذا الهدف حرَِص القسمُ على أن يَتِمَّ تسجيلُ الكتابِ في رسائلَ علميةٍ في مُدَدٍ زمنيةٍ متقاربةٍ، فكان من توفيق الله وتيسيره أن هيَّأَ للقسم في مرحلة (الدكتوراه) نخبةً جيدةً من الدارسين، فكانت فرصةً سانحةً لتحقيق هذه الرغبةِ وترجمةِ هذا الطموحِ، فتَمَّ –بفضل الله- تسجيلُ أربعةٍ وعشرينَ دارساً في القسم لكامل الكتابِ، وهو ما يعني الانتهاءَ من تحقيق الكتاب في مدَّةٍ وجيزةٍ –بإذن الله تعالى-، ولأجل تحقيقِ هذا الهدف أيضاً قام القسمُ بأخذ تعهُّداتً خطيةٍ على الطلبة المسجلين في تحقيق الكتاب بعدم معارضةِ طباعةِ الكتابِ مستقبلاً.

خامساً: مدى كفاءة القائمين بهذا العمل الكبير:

لا شكَّ أن عملاً كهذا يتطلَّب إمكانياتٍ علميةً ومؤهِّلاتٍ خاصَّةً، وهذا يفسِّرُ إحجامَ الكثيرِ عن خوض غِمارِ هذا البحرِ الخِضَمِّ، ولكنْ من توفيق الله ومِنَّتِه على كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلاميةِ أن هيَّأَ لها نخبةً من الدارسين ذوي الجدية والتأهيلِ العلميِّ الجيِّدِ –باستثنائي- بشهادةِ كلِّ من قاموا بتدريسهم أثناءَ فترة دراستهم المنهجية لمرحلة (الدكتوراه)، وهذا ليس من باب التزكية والدعاية ولكنه من باب حكاية الواقع والتحدث بنعمة الله تعالى، ولأجل رفعِ المستوى العلميِّ والتعاونِ في سبيلِ خدمةِ الكتابِ وتحقيقِ الهدفِ المرادِ تمَّ عقدُ لقاءٍ علميٍّ تشاوريٍّ بين فضيلة المشرفين على تحقيق الكتاب -ومن أبرزهم أ. د. بدر البدر الذي له عنايةٌ فائقةٌ بالكتاب ومؤلِّفه- وبين الطلاب، وكانت له نتائجُ إيجابيةٌ كبيرةٌ –وسيُكتَبُ عنه تقريرٌ قريباً بإذن الله-، وتمَّ الاتفاقُ على تَكرار هذا اللقاءِ بصفةٍ دَوْريَّةٍ للتقريب بين الرُّؤَى وتوحيدِ المسلك، وقد طُرِحَتْ فكرةُ عقدِ لقاءاتٍ أُخَرَ بين الطلاب لتبادُلِ الآراءِ والنقاشِ والحوارِ واستفادةِ كلٍّ من الآخَر بما يصُبُّ في مصلحة الكتاب -وسيتم ذلك قريبا بإذن الله-، فمثل هذه اللقاءاتِ تكمِّل النقصَ وتقرِّب وجوهَ الاختلاف، وتلك بوادرُ طيبةٌ تبشِّر بوِحدةٍ في تنوُّعٍ، وتكامُلٍ في تخصُّصٍ.

وبعدَ ما سبقَ: فإن هذا الكتابَ العظيمَ ما زال حَرِيّاً بتحقيقه تحقيقاً علمياً متقَناً وإخراجِه في قالَب حَسَنٍ وصورةٍ مشرقةٍ وطباعتِه في حُلَّةٍ قشيبةٍ تُمِيطُ عنه اللِّثامَ وتُبَدِّدُ عنه العَتامَ، ولذلك حرَِص مجمعُ الملكِ فهد لطباعة المصحفِ الشريفِ على تحقيقِه وطباعتِه، فقد أُخِذَتْ موافقةُ معالي وزيرِ الأوقافِ والشؤونِ الإسلاميةِ والدعوةِ والإرشادِ الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ بذلك، ولكنْ صُرِفَ النظرُ عن ذلك لعدم وجود فريقٍ علميٍّ متكاملٍ للعمل على تحقيقه فأُلْغِيَ المشروعُ لديهم –كما أفاد بذلك شفهياً أ. د. أحمد بن محمد الخراط-، ويتبيَّن من هذا إدراكُ معالي الوزير ومركزِ الدراساتِ القرآنيةِ التابعِ لإدارةِ الشؤونِ العلميةِ بمجمع الملكِ فهد لطباعة المصحفِ الشريفِ لأهمية تحقيقِ الكتابِ وطباعتِه وكونِه مشروعاً متميِّزاً يتطلَّع له الباحثون وطلابُ العلم، وأرجو أن أوفَّقَ أنا وزملائي في القيام بتحقيقه على الوجه المقارِبِ للكمال، وأن توفق الجامعة الإسلامية المباركة للقيام بطباعته ونشرِه لتسُدَّ ثغرةً كبيرةً في المكتبة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015