بحث: النص القرآني ومشكل التأويل (المصطفى تاج الدين)

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 عز وجلec 2008, 08:30 ص]ـ

ملاحظة: هوامش البحث مفقودة.

===

النص القرآني ومشكل التأويل

المصطفى تاج الدين

المصدر: إسلامية المعرفة ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleIعز وجل=670&catIعز وجل=17&adad=23)، العدد 14، 1998 - 1999، ص ص7 - 29

* مقدمة:

يستطيع المتتبع لجدل الأفكار وصراع المذاهب واختلاف النظريات أن يرجع ذلك إلى قضية المعنى ومشكل التأويل. فالأديان والفلسفات وإن أجمعت على تسميات واصطلاحات ومواضعات فإنها اختلفت في المعاني التي حملتها هذه الاصطلاحات اختلافاً وصل إلى حد التعارض والانشطار. فالائتلاف حاصل في الأوضاع الأصلية للمفاهيم، بينما الاختلاف ظاهر في تأويلات المفاهيم واستعمالاتها. لهذا احتل مفهوم التأويل حيزاً معتبراً في المجال التداولي العربي الإسلامي وارتبطت به المعارك الكلامية المعروفة، وجر المسلمين إلى كثير من الجدال والصراع حتى إن ابن القيم ردّ إليه ما أصاب المسلمين من فرقة وخلاف.1

ولعل معترضاً يقول: ما فائدة الاشتغال بقضية التأويل وقد أصبحت طللاً دارساً لا يكاد يجيب؟ وقتلت بحثاً حتى أن المتقدم لم يترك للمتأخر مجالاً للزيادة والاستطراد؟ ثم أن القرآن الكريم قد فُسّر وأوِّل وانتهى البحث في معانيه؟ وتوضحت طرق استخلاصها. وتقوم هذه الدعوى على أساس فكري، ومستند نظري له أبعاده النفسية والحضارية ولذلك سأتخذ من اعتراضها السالف مدخلاً لهذا الموضوع الخطير مستهدفاً التوسط بين إجابتين تطرفتا تعصباً وتسيباً وانغلاقاً وسيولة.

فهناك من يعتقد أن كتاب الله قد فسره العلماء الراسخون في العلم تفسيرات أضاءت -على سبيل الاستغراق- معانيه، وما علينا إذا أردنا أن نعود منه بقبس من الفهم وشهاب من الإدراك سوى أن نعكف على هذه المصنفات الجليلة ففيها ما يشبع النهم ويروي صدى الصادي. ولا مجال بعدها لمستزيد، ولا لمجتهد برأيه في كتاب الله.

وهناك في الطرف المقابل اتجاه يرى أ ن النص القرآني نص لغوي مفتوح على جميع التأويلات، ولهذا فمعنى النص يتعدد بتعدد قراءاته ويتنوع بتنوعها، ويلتقي الاتجاهان –من حيث اعتقاد التناقض- في غاية واحدة هي قتل المعنى واغتياله.

وسنحاول بإذن الله التطرق إلى المحاور الآتية:

1 - معنى مصطلح التأويل: حاولنا سبر غور هذا المصطلح، وإعادة النظر في تعريفاته، فتبين كيف أن الخلاف في مضمونه في التراث كان خلافاً لفظياً وليس كما يظن الكثيرون انشطاراً في الرؤى بين مؤيد للتأويل ومعارض له.

2 - المعنى التاريخي وانحسار التأويل: تطرقنا فيه للموقف المتعصب من التأويل.

3 - المعنى الذاتي وانحراف التأويل: عرضنا فيه للموقف المتسيب من التأويل.

4 - الأصول الدينية لنظرية التأويل الحديثة: وأبرزنا فيه مظاهر الترابط والتداخل في الآراء النقدية الغربية حول ظاهرة النصّية بين التصورات الأدبية وخلفياتها الدينية.

5 - ضوابط التأويل: وتتضمن اقتراح مجموعة من الضوابط العاصمة من قواصم الإتجاهين السابقين.

* مفهوم التأويل:

لقد مرّ مصطلح التأويل بمرحلتين:2

1 - المرحلة الأولى: تميزت بكون المصطلح حمل فيها دلالته اللغوية الأصيلة.

2 - المرحلة الثانية: حمل فيها المصطلح على دلالته الاصطلاحية الحادثة، ويشير ابن تيمية رحمه الله إلى هاتين المرحلتين بقوله: "إن التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف ... وأما التأويل في لفظ السلف فله معنيان: أحدهما تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه فيكون التأويل والتفسير عند هؤلاء متقارباً أو مترادفاً، وهذا -والله أعلم- هو الذي عناه مجاهد أن العلماء يعلمون تأويله، ومحمد ابن جرير الطبري يقول في تفسيره: القول في تأويل كذا وكذا، واختلف أهل التأويل فلي هذه الآية ونحو ذلك ومراده التفسير. والمعنى الثاني في لفظ السلف وهو الثالث من مسمى التأويل مطلقاً هو نفس المراد بالكلام."3

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015