وهو أكثر تقدماً من العمل التطوعي الفردي وأكثر تنظيماً وأوسع تأثيراً في المجتمع، وفي الوطن العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص، توجد مؤسسات متعددة وجمعيات أهلية تساهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع [3].
ثانيا: دور المرأة البحرينية في العمل الخيري
مما لاشك فيه أن المرأة أصبحت عنصراً فاعلاً ومكوناً أساسياً في هذه المجالات كلها. لعملية التنمية والنهضة لأي مجتمع، الأمر الذي دعا إلى الاهتمام الكبير من قبل دول الخليج بإشراك المرأة وإسهامها في الدفع بعجلة التنمية [4].ويعد العمل في مجالات الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، من أبرز ميادين المشاركة التنموية وخاصة للمرأة الخليجية.
ومملكة البحرين من أكثر الدول اهتماما ومشاركة في مسيرة العمل التطوعي فقد ظهر العديد من الجمعيات المعنية بالأعمال الخيرية ومساعدة الفقراء.
وقد بدأت مسيرة العمل الخيري في تقديم خدماتها، وتطورت حتى وصلت إلى مستوى من الحضور والتأثير [5]. الأمر الذي أدى إلى مشاركة المرأة الفعلية في التنمية والنهوض بها ثقافياً واقتصادياً. وتدل إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية أن دور وإسهامات الجمعيات الخيرية والاجتماعية والتعاونية ومؤسسات المجتمع المدني في دعم الأسر الفقيرة، بلغ درجة من الأهمية في تحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطنين [6].
وقد شهد عام 2006م إشهار العديد من الجمعيات النسائية المخصصة للعمل الخيري بكافة أشكاله وصوره ومنها تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية. فقد تصدت المرأةبإقامة محاضرات ودروس توعية للمرأة خاصة فيما يتعلقبالتدريس في مراكز تحفيظ القران الكريم. التي تم جمعها من قبل المشاركات والمتدربات في دورات تدبر القرآن في الفترة من نهايات عام 2001 - 2007م.
ثالثا: مشروع تدبر القرآن .. أنموذجا للعمل الخيري النسائي
هذه الورقة تجربة واقعية لعمل خيري تطوعي ألا وهو مشروع تدبر القرآن الكريم، الذي بدأ العمل به في ساحات العديد من الجمعيات الخيرية في البحرين، كنموذج لدراسة أوضاع مثل هذه المشاريع التطوعية وما يكتنفها من ظروف وصعوبات وتقديم رؤية مستقبلية لكيفية تذليل هذه الصعوبات والتعامل معها.
و يجدر بنا قبل الخوض في الحديث عن أهمية مشروع التدبر للأفراد والمجتمعات، التطرق إلى بيان مفهومه وحدوده.
فكلمة التدبر في اللغة مأخوذة من مادة (د ب ر) وأصلها آخر الشيء وخلفه. وفي لسان العرب دبّر الأمر وتدبّره أي نظر في عاقبته وعرف الأمر تدبرا أي بآخره. فتدبر الكلام أي النظر في أوله وآخره ثم إعادة النظر مرة بعد مرة، ومن هذا قول جرير:
ولا تتقون الشر حتى يصيبكم ولا تعرفون الأمر إلا تدبرا.
والتدبر في الأمر: التفكر فيه، وفلان ما يدري قبال الأمر من دباره أي أوله من آخره. ويقال فلان لو استقبل من أمره ما استدبره لهدي لوجهة أمره، أي لو علم في بدء أمره ما علمه في آخره لاسترشد لأمره. وقال أكثم بن صيفي لبنيه: يا بني لا تتدبروا أعجاز أمور قد ولت صدورها [7].
ودبّرت الأمر تدبيرا فعلته عن فكر وروية، وتدبرته تدبرا نظرت في دبره وهو عاقبته و آخره. [8]
والتدبر النظر في دبر الأمور أي عواقبها وهو قريب من التفكر، إلا أن التفكر تصرف بالنظر في الدليل والتدبر تصرفه بالنظر في العواقب [9].
يقول ابن القيم رحمه الله:" وتدبر الكلام ان ينظر في اوله وآخره ثم يعيد نظره مره بعد مرة ولهذا جاء على بناء التفعل كالتجرع والتفهم والتبين" [10].
فأصل معنى التدبر في اللغة مأخوذ من النظر في عواقب الأمور ونهاياتها. وهو نشاط وجهد ذهني يقوم به العقل بغية التوصل إلى عواقب الأمور ونتائجها.
والمقصود بتدبر القرآن الكريم: النظر والتوصل إلى مغزى الآيات القرآنية ومقاصدها وأهدافها وما ترمي إليه، عن طريق إعمال الفكر والتأمل وبذل الجهد الذهني في فهم الآيات.
وقد عرّفه بعض العلماء المعاصرين بأنه: التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة [11].
والتدبر معنى أخص من المعرفة التفصيلة لمعاني الآيات، فالتدبر يقتضي النظر إلى ما تصير إليه عاقبة الكلام في الجملة، وهذا يدفع للعمل بما تم تدبره لاستحضار العاقبة، وفي هذا تعلق واضح بأصل المعنى اللغوي للتدبر الدال على نظر في ما يؤول إليه آخر أمره [12].
¥