(استوى): ترد في القرآن على ثلاثة معانٍ: فتارة لا تعدى بالحرف فيكون معناها: الكمال والتمام، كما في قوله تعالى عن موسى: (ولما بلغ أشده واستوى)؛ وتارة تكون بمعنى علا وارتفع، وذلك إذا عديت بعلى كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)؛ وقوله تعالى: (لتستووا على ظهوره)؛ وتارة تكون بمعنى قصد كما إذا عُديت بإلى كما في هذه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض قصد إلى خلق السماوات فسواهن سبع سماوات. ص52 ـ 53.

9 ـ قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون).

ليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أُمر به أنه يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه، وأمر نفسه ونهيها، فترك أحدهما لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر فليس في رتبة الأول وهو دون الأخير، وأيضاً فإن النفس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة. ص60.

10 ـ اعلم أن كثيراً من المفسرين رحمهم الله قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).

والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم: (لاتصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم)، فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه، فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة التي يغلب على الظن كذبها، أو كذب أكثرها معاني لكتاب الله مقطوعاً بها، ولا يستريب بهذا أحد، ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل، الله الموفق. ص70

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[19 Sep 2010, 07:00 ص]ـ

11 ـ قال تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه. ص71.

12 ـ قال تعالى: (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان).

لما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به ولم ينتفع؛ ابتلي بالاشتغال بما يضره، فمن ترك عبادة الرحمن؛ ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه؛ ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه؛ ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق؛ ابتلي بالباطل، كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين. ص80 ـ 81.

13 ـ قال تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها)

وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، فلا أعظم إيماناً ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية؛ كما قال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر). ص86.

14 ـ قال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين). وقال تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015