ولبيان ذلك بالتفصيل انظر مقالي التالي – لزاماً – للدفاع عن صحابي بدري رضي الله عنه:
((ثعلبة بن حاطب والحديث المفترى))
قد لا يعلم كثير من الناس براءة الصحابي البدري ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه من الحديث المكذوب الذي أورده - بل تتابع على إيراده - طائفة من أهل العلم - غفر الله لنا ولهم - في سبب نزول قوله تعالى: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين؛ فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون، فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) سورة التوبة الآيات 75 – 77 0
فقد أورد الحديث ابن كثير رحمه الله في (التفسير) 4/ 124 - 125 وساقه من رواية الطبري في (تفسيره) 10/ 189 - 190، وابن أبي حاتم كلاهما من طريق:
علي بن زيد، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن ثعلبة بن حاطب - رضي الله عنه -: (أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ادع الله أن يرزقني مالاً كثيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه 000) الحديث بطوله؛ وفيه أنه عليه الصلاة والسلام دعا له، فرزق غنماً كثيرة نمت كما ينمو الدود 0000 وأنه لما نزلت فرائض الصدقة أبى ثعلبة أن يعطيها وقال: ما هذه إلا أخت الجزية (!)
ثم إن ثعلبة تاب وأراد أن يتصدق؛ فلم يقبلها منه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم يقبلها من بعده أبو بكر رضي الله عنه، ولم يقبلها عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حتى هلك ثعلبة في خلافة عثمان!
وهذه القصة نبه على بطلانها ابن حزم في (المحلى) 3/ 199 - 200 من جهة متنها؛ فقال - وما أحسن ما قال! –
: (ثعلبة بدري معروف .... إلى أن قال: فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ً؛ ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولابد ولا فسحة في ذلك، وإن كان كافراً؛ فلا يقر في جزيرة العرب؛ فسقط هذا الأثر بلا شك).
وأما من جهة السند؛ فهي ضعيفة جداً - إن لم تكن موضوعة - فمدار القصة على:
علي بن يزيد الألهاني، وهو منكر الحديث جداً، كما قال ابن حبان في (المجروحين) 2/ 110، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث 0 (تهذيب التهذيب) 3/ 199 - 200.
وقد كفانا أخونا الشيخ سليم الهلالي الرد في جزء ألفه في القصة، كما ألف فيها عداب محمود الحمش كتابه (ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه)، وذكرها صاحب (قصص لا تثبت).
وقد ذكر عداب الحمش أن النقل عن ابن عباس في سبب نزول الآية، وكذا عن الحسن البصري كلاهما باطل عنهما (ص64 – 67، 76) 0
والخلاصة هي أن القصة لا ريب في وضعها متناً؛ وشدة ضعفها سنداً، وقد كتبت في ذلك - بحمد الله تعالى - في زاويتي (لا تكذب عليه متعمداً) في جريدة (المدينة)، ثم أثبتها في كتابي بنفس العنوان.
وقد دفعني إلى هذا البيان والتوضيح المهمين ما يلي: -
أولاً: الدفاع عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: تنبيه المسلمين الغافلين - ومنهم الأخ عداب في كتابه الآنف ذكره!! - إلى أنه لا يجوز إطلاق لفظ:
(الشهيد) على سيد قطب الغارق في الضلال إلى أذنيه بتكفيره الأمة من قرون مضت!
وبتطاوله على مقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كنبي الله وكليمه موسى عليه السلام بكلام غير لائق في حق المسلم؛ فكيف بنبي الله موسى!! هذا مع استخفافه بل استهزائه بعثمان الذي تستحي منه الملائكة! ورميه معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم جميعاً - بالنفاق والغش وشراء الذمم!! نسأل الله العافية من هذا الضلال المبين 0
هذا مع ما له من زلات خطيرة جداً في العقيدة؛ نبه عليها العلماء الأجلاء، وعلى رأسهم شيخنا ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في عدة كتب مهمة.
¥