ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[07 عز وجلec 2008, 09:31 ص]ـ

فالتأويل من " أول " وهو بمعنى ابتداء الأمر وانتهاؤه , كما يقال: سننظر إلى ما يؤول إلىه الأمر , وآلت الأمور إلى كذا وكذا! , وإذا نحن نظرنا إلى كتاب الله عزوجل وجدنا أنه يستعمل "التأويل" بنفس المعنى اللغوي لها أي المرجع والمآل والعاقبة. وعلى الرغم من أن هذا المعنى أكثر من واضح في كتاب الله – ليرجع القارئ إلى الآيات التي ذكرناها في أول البحث – وجدنا أن المفسرين يتركون هذا المعنى الجلي ويقولون بتعريف غريب للتأويل , ولربما ظنوا أنهم بقولهم أن التأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر أن هذا هو عاقبة الأمر وأن هذا هو المرجع الصحيح للفظ , ولكن من قال لهم أن التأويل لا يكون إلا بصرف اللفظ عن ظاهره , فهذا تحديد للمعنى ما أنزل الله به من سلطان , والتعريف كما يقال لا بد من أن يكون جامعا مانعا , وهذا التعريف غير جامع ولا مانع! ولكن الملاحظ أن لفظ التأويل لم يستعمل هذا الاستعمال الاصطلاحي مرة واحدة ولكن مر الأمر بمراحله المألوفة من الانحراف عن المعنى الأصلي وهو المطابقة مع الواقع ثم الاستعمال بمعنى التفسير ثم الاستعمال بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره , فنجد مثلا أن الإمام الطبري يسمي كتابه: " جامع البيان في تأويل آي القرآن ". ولكن كما قلنا فإن التأويل هو مآل الشيء وعاقبته , وعند استعماله مع اللفظة القرآنية فإن المراد منها يكون مطابقة الآيات مع الواقع وهذا ما تدل عليه الآيات الكريمات كما جاء في قوله تعالى " ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل ........ " , قتأويل القرآن سيأتي يوم القيامة أي أن انطباق أخبار القرآن مع الواقع سيكون يوم القيامة , وكذلك يقول المولى العلي: " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله " , أي أن تأويل القرآن سيأتي في يوم من الأيام وهذا لا يكون إلا بتطابق أخبار القرآن مع ما سيكون. وكذلك في قوله تعالى " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " , فهذا تأويل الرؤية وتحققها على أرض الواقع كما يقال , فعندما تحققت الرؤيا تكون قد أٌولت , وكذلك عندما تتحقق الآيات القرآنية تكون قد أُولت , وكذلك قول الله عزوجل حاكيا قول العبد الصالح الخضر " سأنبأك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " سأنبأك بمرجع وعاقبة وحال ما لم تستطع عليه صبرا , فسيحدث كذا وكذا .... " وكذلك في قوله تعالى " فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا , " أي أحسن مرجعا وعاقبة. فها هو " التأويل " يأتي في القرآن بهذا المعنى – وتتبعه في باقي الآيات فلن يخرج عن هذا المعنى - , فلا يجوز لنا أن نستبدل معناه بمعنى من عند أنفسنا بل علينا أن نستعمله كما جاء في القرآن وفي اللسان العربي.

ولما كان القرآن الكريم يحتوي من الآيات ما هو صالح لكل زمان ومكان فإن بعضها سيأول تأويلا جزئيا أي أنه سيتطابق تطابقا جزئيا مع علومنا ومعارفنا ثم يتطابق تطابقا كليا في الأزمنة القادمة وبعضه تطابق كلية في زماننا وبعضه سنراه غريبا وسنؤله – بالمعنى الخاطئ للكلمة – ثم تمر الأيام ونكتشف أن الحق كما جاء في كتاب الله بالحرف , والناظر في آيات الوصف الطبيعي والتي تسمى بالإعجاز العلمي يجد أنها كلها تنطبق حرفيا مع الواقع. وليس فهمنا أو قولنا بأن تأويل القرآن تأويل جزأيا يفهم كل أصحاب عصر منه على قدر خلفيتهم المعرفية ثم تجّدُ أزمنة تفهم منه أكثر مما فهم الأقدمون – في الجزء العلمي خصوصا- ليس بدعا من القول فهو قول لبعض الصحابة كما ورد عن مسعود كما روى الإمام البيهقي في شعب الإيمان:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015