ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[07 عز وجلec 2008, 09:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير – تأويل – تدبر
" إقرأ باسم ربك الذي خلق "
" أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "
" كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "
" ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "
" ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا "
" كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير "
" الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ... "
" هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات "
" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل ........ "
" بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله "
" ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا "
" سأنبأك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا "
" فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا "
" إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا "
" وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا "
من الأقوال الشائعة والمنتشرة بين المسلمين قولهم – وقبولهم – أن كتاب الله عزوجل يحتاج إلى تفسير بل إننا رأينا بالفعل كتبا كثيرة تحمل هذا الاسم مثل تفسير القرآن العظيم أو التفسير الكبير أو تفسير فلان أو علان , ولكن هل هذا القول صحيح إبتداءا أم أنه مردود بنص كتاب الله عزوجل؟
من المفارقات أن الله عزوجل ينفي عن كتابه احتياجه إلى تفسير وأنه مبين في ذاته مبيّن لغيره وعلى الرغم من ذلك يصر الناس على أنه مبهم في حاجة إلى تفسير على الرغم من أن الله عزوجل يقول أن كتابه سهل يسير في حاجة إلى تدبر وتأويل وليس إلى تفسير.
قد يظن القارئ أن الفارق بين التفسير والتأويل ليس كبيرا وذلك للخلط الأصولي بين اللفظين وللاستعمال الضبابي لكل منهما حسب منظور المفسر والذي بعد تماما عن الأصل اللغوي لأي منهما , وسيلاحظ القارئ من خلال هذا البحث الصغير أن الأصوليين والمفسرين تركوا المعنى اللغوي لكلتا اللفظتين " التفسير والتأويل " ثم أخذوا يجتهدون في وضع معنى أصولي لهما , على الرغم من أن اللغة أغنتهم عن هذا العنت والمشقة. ونبدأ بتعريف كل منهما تعريفا بسيطا يوضح للقارئ الفارق بينهما ولم أنه من إساءة الأدب مع الله عزوجل القول بأن كتابه يحتاج إلى تفسير:
في بادئ الأمر يتفق معي القارئ في كونه مسلما بالآيات التي ذكرتها في أعلى الصفحة , فإذا سلّم القارئ – وهو حتما مسلم بها – ننتقل إلى التعريف:
ونبدأ بتعريف التفسير – والتعريفات الواردة في هذا البحث كلها من مقاييس اللغة للإمام ابن فارس رحمه الله من معجمه الفريد " مقاييس اللغة " والذي تميز بإيراده الأصول المشتركة التي تُرد إليه المعاني المحتلفة للمفردة والتي قد تبدو أحيانا متباينة متباعدة تمام التباعد - , فيقول ابن فارس – عليه من الله الرحمة -:
الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدلُّ على بيانِ شيءٍ وإيضاحِه. من ذلك الفَسْرُ، يقال: فَسَرْتُ الشَّيءَ وفسَّرتُه. اهـ
إذا فأصل التفسير هو بيان الشيء وإيضاحه وشبيه به " سفر " فهو يدل على الانكشاف والجلاء , واستعمال التفسير مع أي نص مؤذن بالقول أن هذا النص مبهم غير واضح! وإلا لما اضطر المتعامل معه إلى القول بالتفسير, إذا لو كان واضحا لما فُسّر. وهنا نسأل السؤال المنطقي طرحه عند هذه النقطة: هل كتاب الله مبهم غير واضح يحتاج إلى بشر يوضحه؟
الإجابة القرآنية والتي لا علاقة لها بالتحرج أو ماشابه هي: لا وألف لا , فكتاب الله عزوجل مفصل محكم واضح جلي مبين لنفسه ولغيره , بل إن الرب العلي القدير عندما أخبر عن جدل المشركين للنبي المصطفى قال أنهم يجادلون بأمثال , قيقولون لو أن كذا أو كذا فماذا يكون الحال أو الوضع؟! والأمثال فيها الحق والباطل , ففيها الواقع والافتراضي الصريح والمبهم. لذا يرد المولى الخبير بقوله: " ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا " , أي أن الله القدير لا يأت إلا بالحق – والذي قد يحتوي أمثالا أيضا ولكنها حق – وهذا الحق أحسن تفسيرا للغرض المطلوب من كل أقوالهم مجتمعة , أي
¥