اجتهد رحمه الله في إزالة وهم الكثير من الناس الذين يظنون أن المسائل الأصولية مسائل عقلية لا علاقة لها بالنقل البتة. وأن البعض من هذه المسائل مجرد من المثال والدليل، وإنما تذكر كأمثلة افتراضية بعيدة عن نصوص الوحي والواقع.

وكان رحمه الله كثيرا ما يمثل للمسائل الأصولية الفقهية، بما جاء في القرآن الكريم.

ومن الأمثلة على ذلك: مسألة" الأمر المجرد من القرائن" فذكر قوله تعالى: ? فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? النور الآية:63. ثم قال رحمه الله: " هذه الآية الكريمة قد استدل بها الأصوليون على أن الأمر المجرد من القرائن يقتضي الوجوب ... " واستطرد في الكلام عن هذه المسألة ليخلص في الأخير إلى: " أن الأمر للوجوب ما لم يصرفه عنه صارف لأن غير الواجب لا يستوجب تركه الوعيد الشديد والتحذير".

تحقيق المسائل الأصولية

يعمد رحمه الله إلى تحقيق المسائل الأصولية الداخلة ضمن بيان الآيات القرآنية أو المتعلقة بذلك ... بشيء من التفصيل والتدقيق ليزيل ما فيها من اختلاف ويبين الحق والصواب فيها.

ومثاله: قوله تعالى: ? وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ ? المائدة الآية:2

تعرض رحمه الله هنا إلى ذكر مسألة أصولية وحققها وهي:" الأمر بالشيء بعد تحريمه ":

فقال رحمه الله: " الأمر بالشيء بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب ".

الصورة الثانية: مسائل أصولية ضمنها كلامه عن القضايا الفقهية ...

• توسع فيها رحمه الله وذكر منها الشيء الكثير.

• كان رحمه الله غالبا ما يذكر ذلك لترجيح وتقوية ما يذهب إليه أو لتحقيق تلك المسائل الأصولية والخروج من الخلاف والنزاع، وترجيح ما يراه حقا وصوابا حسب دلالة الأدلة وقوتها.

مثال ذلك: قوله تعالى: ? وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ? المومنون الآية:5

رجح رحمه الله في آية ? إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ? المومنون الآية:6 جواز الجمع بين الأختين بملك اليمين في التسري بهما معا.

• كان يناقش رحمه الله المسائل الفقهية بأسلوب أصولي واضح ورزين يزيل الاعترضات، ويرجح القوي منها حسب الصناعة الأصولية.

3 - منهجه في إيراد مسائل العقيدة

• اعتمد رحمه الله النقل والرواية في ذكره ونقاشه لمسائل العقيدة.

• أوجز الكلام في غالب المسائل العقدية ما عدا مبحث الأسماء والصفات.

• كان يتوقف عند كل موضع من القرآن الكريم يتعرض لجانب العقائد خاصة المسائل التي لها علاقة مباشرة بالواقع المعاصر.

• التزم منهج أهل السنة والجماعة فناصره وانتصر له.

• كان رحمه الله يقرر المسألة العقدية التي دلت عليها الآية، ثم يوضح الحق والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة في تلك المسألة مع ذكر الأدلة من النقل والعقل، وبعدها يتعرض للمذاهب المخالفة والشبهات الواردة فيرد عليها ويبطلها ويدحضها في نقاش وحوار هادئ رزين وبأدب عال.

قال الشيخ عطية سالم رحمه الله: " أما في العقيدة فقد بلورها منطقا ودليلا، ثم لخصها في محاضرة آيات الأسماء والصفات، ثم بسطها ووضحها إيضاحا شافيا في أخريات حياته ... ".

أ - الأسماء والصفات

• فصل في مسألة الأسماء والصفات وتوسع فيها وأطال الكلام حولها في مواضع عدة من تفسيره.

• ذكر في هذا الجانب: مسألة التأويل ومسألة ظاهر القرآن.

فعند تفسيره لقوله تعالى: ? وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ ? آل عمران الآية:7 ذكر الإطلاقات للتأويل وحالاته الثلاث.

وفي قوله تعالى:? أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ? محمد الآية: 24 رد على من قال: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر، وبين الحق في هذه المسألة فقال رحمه الله: " لا يجوز العدول عن ظاهر الكتاب ولا سنة رسول الله ? في حال من الأحوال وبوجه من الوجوه حتى يقوم دليل صحيح شرعي صارف عن الظاهر إلى المحتمل المرجوح ... "

وبين بحق بطلان قول من ادعى أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها لا تليق بالله تعالى: لأنه من باب تشبيه صفات الله بصفات خلقه.

ب - الشفاعة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015