• قال رحمه الله " وهذا الذي دلت عليه الآيتان من الزجر عن النظر إلى ما لا يحل. جاء موضحا في أحاديث كثيرة منها: ما ثبت في الصحيح عن أبي سعيد الخدري «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ» ''

* زيادة البيان بالحديث

• يعتمد رحمه الله على السنة في بيان أحكام زائدة عن الذي جاء في الآية الموضحة.

مثالها ذلك: قوله تعالى: ? فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? النساء الآية: 25

بين رحمه الحكم المسكوت عنه في هذه الآية. وهو حكم الأمة غير المحصنة: الذي لا فرق بينها وبين المحصنة فيه. ثم جاء بالسنة المبينة فقال: " فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث «أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ قَالَ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ».

وهكذا كان رحمه الله يبين بالسنة المطهرة أحكاما زائدة لم تبين في القرآن الكريم.

3 - الترجيح بالسنة

في هذه النقطة بالذات بذل رحمه الله عصارة علمه، وقوة فهمه، ودقة استنباطه، وعمق ملاحظاته .. فتجده رحمه الله، يرجح في أغلب المواضع التفسيرية بين الأقوال المتباينة. وقد اعتمد في ذلك على مرجحات عدة .. من بينها السنة المطهرة.

وتميزمنهجه رحمه الله بابتعاده عن التعصب المذهبي، والتزامه بقوة الدليل في الأقوال، دون النظر إلى صاحبها أوقائلها كما صرح بذلك في المقدمة.

قال رحمه الله: " ... إذا بينا قرءانا بقرآن في مسألة يخالفنا فيها غيرنا، ويد?عي أن مذهبه المخالف لنا يدل عليه قرآن أيضا، فإنا نبين بالسنة الصحيحة صحة بياننا، وبطلان بيانه. فيكون استدلالنا بكتاب وسنة".

مثال ذلك: قوله تعالى ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ? المائدة الآية:5

ذكر رحمه أدلة الرافضة الذين ذهبوا إلى أن الواجب هو مسح الأرجل، ثم ثنى بأدلة جمهور المسلمين الذين قالوا بأن الواجب هو غسلهما. وبعد تحرير القول في هذه المسألة رجح رحمه الله القول بغسلهما وذكر الحديث المرجح لهذا القول على غيره: وهو حديث «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» وقال بعده رحمه الله:" وهذا لا يكون إلا في ترك أمر واجب مطلوب".

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015