ـ[نزار حمادي]ــــــــ[19 Nov 2008, 05:06 م]ـ
الأستاذ عمر:
الإجماع على تعيين تفسير معيّن للمعية شيء. والإجماع على صرف اللفظ عن بعض معنايه الظاهر لاستحالته شيء آخر. فلا يلزم من الإجماع على الثاني الإجماع على الأول، فقد اتفق جمع من العلماء على حمل المعية على المعية بالعلم أو بالقدرة أو بالسمع أو بالبصر أو بالحفظ والكلاءة أو النصرة أو الفضل أو الرحمة، وكلها تأويلات قال بها المفسرون، والإجماع الثاني متحقق، والأول غير متحقق، ولا يكفي مجرد نقله لتصحيح وقوعه، فما نقل هو فهم بعض السلف، لا إجماعهم عليه، وكم من دعوى على الإجماع باطلة، وتصحيح الإجماع بعد عصر الصحابة وانتشار العلماء والمفتين في جميع الأقطار من أصعب ما يكون.
قال أبو حيان في البحر المحيط (ج8/ص217) بعد أن فسر المعية بالعلم والقدرة: وهذه آية أجمعت الأمة على هذا التأويل فيها، وأنها لا تحمل على ظاهرها من المعية بالذات، وهي حجة على من منع التأويل في غيرها مما يجري مجراها من استحالة الحمل على ظاهرها. اهـ.
قلت: مقصوده بالمعية بالذات، معية الحلول والاتحاد والتحيز والجهات، فأهل السنة والجماعة مجمعون على استحالتها بالدليل العقلي والنقلي. والإجماع الذي نقله أبو حيان متعلق بالتأويل، أي صرف المعية من تلك المعاني الباطلة إلى معاني لائقة، لا الإجماع على كون المعية علمية.
ثم ينبغي التأمل في قوله تعالى (وهو معكم) أن الضمير عائد على (الله) الاسم العلم على الذات الإلهية المنزهة عن جميع النقائص المتصفة بجميع الكمالات، لا على العلم. فالحكم بالمعية في هذه القضية حكم على الذات العلية لا على علمه تعالى، فإن اسم الجلالة ليس موضوعا للعلم. والمعية بالذات لم تنحصر في المعية بالحلول والاتحاد والتحيز والكون في الجهات حتى ينحصر مقصود مثبتها مثلا في تلك المعاني الباطلة عقلا وشرعا.
ـ[محمد براء]ــــــــ[19 Nov 2008, 10:54 م]ـ
الإجماع على تعيين تفسير معيّن للمعية شيء. والإجماع على صرف اللفظ عن بعض معنايه الظاهر لاستحالته شيء آخر. فلا يلزم من الإجماع على الثاني الإجماع على الأول، فقد اتفق جمع من العلماء على حمل المعية على المعية بالعلم أو بالقدرة أو بالسمع أو بالبصر أو بالحفظ والكلاءة أو النصرة أو الفضل أو الرحمة، وكلها تأويلات قال بها المفسرون، والإجماع الثاني متحقق، والأول غير متحقق، ولا يكفي مجرد نقله لتصحيح وقوعه، فما نقل هو فهم بعض السلف، لا إجماعهم عليه، وكم من دعوى على الإجماع باطلة، وتصحيح الإجماع بعد عصر الصحابة وانتشار العلماء والمفتين في جميع الأقطار من أصعب ما يكون.
الإجماع منقد على أن المعية بالعلم، والذي يرجح ذلك هو سياق الآية.
سُئِلَ الإمام عليُّ بنُ المديني عن قوله تعالى: ?مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ ?، فقال: اقرأ ما قبله: ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَعْلَمُ ?.
وقال أبو طالب أحمدُ بن حميد: سألتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ عن رَجُل قالَ: اللهُ معنَا، وتَلا: ?مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ ?، الآية. فقالَ: قد تجهَّمَ هذا!، يأخذُونَ بآخرِ الآيةِ ويَدَعُونَ أوَّلَها: ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَعْلَمُ ? فعلمُهُ معهم، فأوَّلُ الآيةِ يدُلُّ على أنَّهُ علمُهُ.
قال الحافظ أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب بن يحيى بن محمد الطلمنكي المالكي مؤلف «الروضة»، أول من أدخل القراءات إلى الأندلس في كتابه «الوصول إلى معرفة الأصول» ما نَصُّهُ: " أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: ? وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ ? ونحو ذلك من القرآن؛ أنَّهُ علمُه " ا. هـ
وقال حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النَّمَريُّ المالكيُّ في كتابه «التمهيد» ما نَصُّهُ: " أجمع علماء الصحابة والتابعين فقالوا في تأويل قوله تعالى: (ما يَكون مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ) هو على العرشِ كَمَا وصفَ وعلمُهُ في كُلِّ مكانٍ، وما خالفَهُم في ذلكَ أحد يُحتجُّ بقولِهِ " ا. هـ، نقله الحافظ الذهبي في «جزء العلو» وابن القيم في «اجتماع الجيوشِ الإسلاميَّةِ».
والإجماع الذي نقله أبو حيان متعلق بالتأويل، أي صرف المعية من تلك المعاني الباطلة إلى معاني لائقة، لا الإجماع على كون المعية علمية.
بل هو إجماع على أن المعية بالعلم والقدرة.
وكلامه واضح صريح: " (وهو معكم أين ما كنتم): أي: بالعلمِ والقُدرَةِ. قال الثَّورِيُّ: المعني: علمُهُ معَكُم. وهذهِ آيةٌ أجمعتِ الأمَّةُ على هذا التَّأويلِ فيهَا ". فلا أدري من أين فهمت ما ذكرته!.
ولا أدري ما هو غرضك من التفريق بين هذين الأمرين؟!
على أن هذا ليس صرفاً للفظ عن ظاهره كما تقدم في كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
والأعجب من هذا هو قولك - تحكماً بدون دليل -: " مقصوده بالمعية بالذات، معية الحلول والاتحاد والتحيز والجهات، فأهل السنة والجماعة مجمعون على استحالتها بالدليل العقلي والنقلي ".
فهل هناك معية بالذات من نوع آخر؟!.
والمعية بالذات لم تنحصر في المعية بالحلول والاتحاد والتحيز والكون في الجهات حتى ينحصر مقصود مثبتها مثلا في تلك المعاني الباطلة عقلا وشرعا.
ما هي الأنواع الأخرى غير معية أهل الحلول والاتحاد؟!.
وما هو المقصود الآخر لمثبت المعية بالذات؟!.
اللهم سلِّم.
¥