وتقول: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ".الآية تشهد أن أهل الكتاب كتموا بيان الكتاب، والكتمان لا يعني تحريف الكلام المكتوب بكتابة كلام آخر مكانه، ولا يعني الكتمان شطب الكلام المسطور من الكتاب) أقول: عندما يكتم إذن لا يظهر، والذي يظهر هو ما يريدون ظهوره. ووفق منطقك أليس الكتمان إمساك للرحمة. وعلى أية حال ظهور الإسلام هو استمرار للرحمة المنزلة فلم ينجح كتمانهم، وذلك لبقاء من هم على الدين الحق حتى ظهر الإسلام فأسلموا واستمرت كلمة الحق ظاهرة.
والكتمان صورة من صور التحرف، لأنه إنقاص، أما الصورة الثانية من صور التحريف، وهي الزيادة، فقد نصت عليها الآية الكريمة 79 من سورة البقرة:"فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ".
تقول:"أما إنجيل برنابا فهو كباقي روايات الإنجيل الأخرى ليس فيه ذكر لألوهية المسيح عليه السلام إلا أنه ظهر إلى الوجود في القرن 15، لو كان إنجيلا لكان مع النصارى كباقي روايات الإنجيل الأخرى لأن رحمة الله لا يمسكها أحد عن الناس): أقول: هذا عجيب، إذن أنت تشترط لصحة الإنجيل أن يعترف به أهل الثالوث، الذين يعترفون أن الأناجيل كانت أكثر من مائة حتى مجمع نيقية عام 325م. بإشراف امبراطور وثني. ثم إن اكتشاف هذا الإنجيل أول مرة في مكتبة الفاتكان، والمرة الثانية في مكتبة البلاط الملكي في فينا عاصمة النمسا.
وتقول: ((برنابا يذكر أن مدينة نينوى تقع على البحر الأبيض المتوسط بينما هي في العراق، وأن مدينة الناصرة تقع على بحيرة طبرية)):أقول: إذا سلمنا بهذا الكلام فهذا الأمر ينطبق على الأناجيل الأربعة المتناقضة والمليئة بالأخطاء، فلماذا برنابا محرف والأربعة التي اختارها أهل التثليث غير محرفة؟!!
تقول: (والاختبار المتوقع لأتباعه هو أن يوسوس لهم الشيطان بأن المسيح لم يفعل تلك العجائب إلا لأنه إله تجسد في صورة إنسان ... الخ) أقول: كل الأنبياء والرسل جاءوا بعجائب، وهل شق البحر بالعصا ليس بعجيبة، وهل هي في مقدور البشر. وتأليه المسيح جاء بعد موته ــ الذي تزعم ــ وليس وهو حي. ولم يكن المسيح أول من أُلِّه من البشر. واليهود لديهم خبر في التوراة المحرفة أن نوح عاش 950 سنة. وعندهم أن إيليا (إلياس) رفع إلى السماء وسيعود، وهذا مذكور في الإنجيل المحرف أيضاً، فلماذا لم يؤلّه إيليا النبي أيضاً.
تقول: ((إذن فوفاة المسيح ينبغي أن تكون مرئية للناس يراها أعداءه وأنصاره، فإذا كان المسيح هو الذي أمسكه أعداءه فتلك آية أنه لو كان إلها لاستطاع نصر نفسه لكنه لا يملك لنفسه نفعا)) أقول: وزعمت الأناجيل المحرفة أنه قام من الأموات بعد ثلاثة أيام وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الرب. ألا يدفع هذا القول إلى تأليه المسيح عليه السلام؟!!! ثم لم تكن في حياته أية بوادر على تأليهه، بل حصل ذلك بعد زمن طويل بتأثير العقائد الرومانية الوثنية.
(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ): نحن نتفق معك أن الأمر اشتبه عليهم. وصور الاشتباه كثيرة ليس منها التعليق على الصليب، لأن التعليق على الصليب هو صلب. والزعم بأنه ليس بصلب حتى يؤدي إلى موت على الصليب هو زعم ناتج عن أن أكثر الذين يُصلبون يصلبون بغرض القتل. وأراك تصر على أنه مات على الصليب ولم يمت نتيجة الصلب، والشيخ أحمد ديدات يحاول أن يثبت من خلال الأناجيل المحرفة أنه لم يمت على الصليب، لأنها تذكر أنهم عندما أنزلوا الجسد المصلوب عن الصليب أصابت حربةُ جندي روماني جسد المصلوب فنزل دم كثير وماء. وهذا يعني أن الجسد حي .... ويمكنك مراجعة تفصيل ذلك في كتب أحمد ديدات. ولكن يبقى أن الإشكال في الزعم أنه علق على الصليب.
أخي الكريم: ليست المشكلة في كونه عليه السلام قتل أو لم يقتل، وإنما المشكلة في العقيدة التي زعمت أن الله تعالى أرسل إبنه ليعاني على الصليب ليغفر خطيئة البشر المتوارثة عن آدم. ولو لم تكن هذه العقيدة لما استحق الأمر الذكر، فكم من نبي قُتل!!
ومسألة أخرى أخي: الخلاف بيننا وبينك أنك تريد أن تثبت أن ما في الأناجيل الأربعة صحيح، على الرغم من أنها تناقض بعضها بعضاً، وعلى الرغم من أخطائها. ومن هنا لا تفيد المحاولات لإثبات وجود ما هو صحيح في هذه الأناجيل، لأننا لا نقول بأن كل ما فيها هو خطأ، ولكن نقول إن فيها أخطاء وتناقضات تثبت أنها محرفة. فماذا يفيدك إذن أن تثبت وجود الصحيح وأنت تتغافل عن الخطأ.
مسألة أخيرة: إذا كنت مقتنع بوجود الإنجيل ـــ وليس الأناجيل ـــ فابحث عنه بعيداً عن الأربعة المحرفة.
¥