ثانياً: اضافة لكلامنا السابق في هذه المسألة فإن من ضمن مفهوم إقامة التوراة والإنجيل تنقيتها من كل ما لابسها من زيادة، وبيان ما تم من نقصان، والذي يعني في النهاية ما جاء في قوله تعالى في الآية 187 من سورة آل عمران:"وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ". ولنا هنا على هذه الآية الملاحظات الآتية:

1. الآية تشهد أن أهل الكتاب كتموا الكتاب. وعليه هم ليسوا على شيء حتى يبينوا ما كتموه ويعترفوا بتحريف أسلافهم. ونحن نعرف أنهم لم يستجيبوا إلى هذه الدعوة. ومثل هذا المعنى قول الله تعالى للرسول عليه السلام:" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته ... " (ما) تعني كل، فإذا لم تبلّغ الكل فما بلّغت الرسالة. فكتمان أي جزئية من الرسالة يعني أنه لم يتم البلاغ. فأهل الكتاب ليسوا على شيء حتى يأخذوا الدين كاملاً باتباع محمد صلى الله عليه وسلم المنصوص عليه في الكتب السابقة.

2. هل كل أهل الكتاب كتموا ولم يبيّنوا؟! الجواب لا، هناك من عرف وآمن. إذن قول القرآن الكريم:" فنبذوه" يقصد به أغلب أهل الكتاب. وكذلك عندما يقال أهل الكتاب يقصد أنّ لديهم بمجوعهم أغلب الكتاب. ونقصد بأغلب هنا 51% فما فوق.

3. أكثر ما وردت لفظة (القرآن) في القرآن الكريم في المرحلة المكية، ومن أول نزول القرآن أطلق على الجزء منه أنه قرآن. وكذلك الأمر في التوراة والإنجيل الإنقاص من هذه الكتب لا يمنع من تسميتها وكذلك الزيادة عليها لا يمنع من بقاء جزء يسمى توراة أو إنجيل.

4. مع إقرار العلماء من المسلمين بتحريف التوراة والإنجيل إلا أنهم يقولون بوجود نصوص تبشر بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم، لأن التحرف يعني الزيادة على الأصل أو الإنقاص منه، والله تعالى يقول أنه على الرغم من التحريف يجدونه مكتوباً عندهم. فإذا وجدنا في هذه الكتب نسبة من الحق، لا يعني ذلك أنها 100% حق.

5. أما قولك أخي الكريم: ((بالأمس أتيت بآية تعبر عن تقرير مصير أهل الكتاب المعاصرين للقرآن في عهد نزوله، فمنهم من لم يصله خبر ظهور الإسلام ومنهم من وصلهم خبر ظهوره. أما الذين لم يصلهم خبر ظهور الإسلام لا يقال لهم لستم على شيء حتى تقيموا ما جاء به القرآن الذي أنزل إليكم من ربكم بل يناسبهم من الآية: لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ .... " ولنا هنا على هذا الكلام الملاحظة الآتية: تقول:" الذين لم يصلهم خبر ظهور الإسلام لا يقال لهم لستم .. " هذا عجيب، لأن القرآن لا يكلّم إلا من يسمع. فلا يعقل أن نقول:"اسمع يا من سوف لا يسمع" هذا طبعاً من العبث. فالكلام إذن لمن يسمع ويصله البلاغ.

وأخيراً انظر أخي الكريم كيف أنهم كانوا يُخفون الحق المدون، ولا يزالون. هل تعلم أن إنجيل برنابا أول ما عُثر عليه عثر عليه في مكتبة البابا في الفاتكان. نعم تدبر معنا الآية 91 من سورة الأنعام:" .... قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا .... ". لذلك لا تستغرب في المستقبل أن يتم العثور على نسخ تقلب الموازين، وأول بوادر ذلك: إنجيل برنابا، وإنجيل يهوذا، ووثائق قمران ... الخ.

ـ[أبو علي]ــــــــ[31 Mar 2009, 09:27 ص]ـ

أخي الكريم محب القرآن الكريم

قتل الأنبياء لا يعد إمساكا لرحمة الله لأن الموت يسمى بتعبير آخر (وفاة)، فوفاة الإنسان بموت أو قتل تعني أن أجله الذي قدره الله له قد تم:: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا.

أما وجود الباطل فهو لاختبار الناس به.

أما الوحي الإلهي فهو رحمة (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يستحيل أن يمسكها أحد عن الناس بالتحريف أو الحذف. وكما قلت سابقا البلاغ يتناقض مع التحريف.

أخي الكريم انتبه إلى واو الجماعة في قوله تعالى عن القوم: يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، هذا يعني أن التوراة والإنجيل موجودان عند القوم في بقاع العالم.

أخي الكريم أبو عمرو البيراوي

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015