ثقيلة وجمهور العرب تكسره للمجانسة ولذلك الإعراب الدقيق (بِهِ: الباء حرف جر والهاء ضمير مبني على الضم وقد كُسِر لمجانسة الكسرة وكذلك (فيهِ) لأن الكسرة والياء من مخرج واحد. لو قلت (أنسانيهُ) مبني على الضم وكُسِر للمجانسة وننظر في مكانه من الإعراب في محل نصب مفعول به. لو قال أنسانيهِ مبني على الضم وكُسِر لمجانسة الياء وهو في محل نصب.

جمهور العرب قالوا أنسانيهِ (13 راوياً قرأها إنسانيهِ). المصحف الذي بين أيدينا برواية حفص وحفص قرأ أنسانيهُ. الضمة ثقيلة. هذه التعليلات ليست تعليلات العرب وإنما تعليلات العلماء. العرب لم يقولوا لنا لماذا رفعنا الفاعل ونصبنا المفعول ولكن العلماء جاءوا وقالوا العرب رفعت الفاعل للسبب الفلاني ونصبت المفعول للسبب الفلاني وهي أسباب وجيهة مقبولة منطقياً. فقال الضمة ثقيلة قطعاً لأن ولادة الضمة تكون بحركتين، بعمليتين: اللسان في الخلف يرتفع نحو سقف الفم إلى مكان بحيث لو إرتفع فوقه أحدث إحتكاكاً مسموعاً وإستدارة الشفتين للتنويع، إذن عمليتان. بينما الكسرة تولد بإرتفاع اللسان من أوله نحو سقف الفم فيسموها الحركة الضيقة الأمامية والضمة الحركة الخلفية. فإذن الضمة أثقل من الكسرة فلما كان الأمر ثقيلاً: نسيان سمكة مشوية تدخل في البحر بهذه الصورة ويُنسى بهذا الشكل شيئاً ثقيلاً فجاءت الضمة، إستخدموا الحركة الثقيلة للإخبار عن أنسانيهُ. فناسب ثِقل الضمة ثِقل الواقعة. ولهذا عجّبه منه (أرأيت إذ أوينا) هذا شيء عجيب. (فإني نسيت الحوت) ونسب النسيان لنفسه لأن هذا النسيان هو منه ونسبه لنفسه وحده ولم يقل نسينا الحوت لأنه يخبره عن قضية عظيمة ولم يكن مناسباً أن يقول لموسى ? أنت أيضاً لم تُذكّرَني. (عجبا) ذكر التعجب هنا.

(ذلك ما كنا نبغِ): يعني هذا الذي وقع من خروج الحوت ومن دخوله في الماء بهذا الشكل ورجوع الحياة إليه هو الذي كنا نبغيه. (ذلك ما كنا نبغِ) يفترض أن يكون فيها ياء: بغى يبغي مثل رمى يرمي فلما يتكلم عن نفسه مع مجموعة يقول نحن نرمي فيضع الياء. الياء هنا في الخط حُذِفت مع أن كُتّاب المصحف أثبتوها في موضع آخر. كذلك (تعلّمنِ) حذف الياء. وأثبت الياء في (ستجدني، ولا أعصي). إذن الكاتب يعلم أن هناك ياء ومع ذلك حذفها هنا ولم يثبتها في موضعين. رسم المصحف فيه كلام لكن بصورة موجزة فيه قولان: قول يقول أن الرسول ? كان يقول للصحابي كيف يكتب: ضع هنا تاء مفتوحة، ونحن نقول ينبغي أن بدأ البحث حيث إنتهى الآخرون في دراساتهم حتى لا نعيد الدراسة. وفريق آخر يقول هذا تطور الخط العربي. لكن هناك مواضع كان لها غاية: مرة يرسم التاء طويلة ومرة مربوطة ومرة يرسم الألف ومرة لا يرسمها. هناك مواطن لها غاية ومواطن أخرى تبين تطور خطّهم.

هنا غاية، (نبغِ). قلنا سابقاً أنه لما ذكر كلمة (وبناتك) وكتبها بإثبات الألف كان لغاية حتى لا يأتي أحد ويقول بنتك ويخرج أحد من بناته ?. فهنا (ما كنا نبغِ) بالكسر. هذه الياء إختلسها إختلاساً، إختصرها. الإختلاس معناه الإختصار، لم يشبعها لأن القرآن نزل صوتاً ولم ينزل مرسوماً مكتوباً معناه أن الرسول ? قرأها هكذا (ذلك ما كنا نبغِ فارتدا) فلما سمع الكاتب هذا كتبها من غير ياء. ولو قرأها الرسول ? (نبغي) كان أثبت الياء. مع ذلك قد توجد قراءات بالياء هذا إشباع يعني أن بعض قبائل العرب أشبعت فأقرّت. لكن حديثنا عن المرسوم الآن لأن الرسم في كل مصاحف الدنيا (تبغِ) بالكسرة. هنا لما إختلس الياء هذا موضع سرعة وإختصار. لما يقلّص الكلام معناها هو يسرع في الكلام لأنه مستعجل على الرجعة يريد أن يعود إلى هذا الرجل فإختصر في لفظه (نبغِ فارتدا) يشير إلى سرعة الرجوع. فسرعة الرجوع ناسبها سرعة نطق الكلمة بعدم إشباع للياء لأن معناها واضح (ذلك ما كنا نبغ فارتدا) وهو نوع من الإختصار.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015