ولا يجوز للمسلم أن ينحرف عن جادة العدل مهما كانت الظروف، وعليه أن يراعي الإنصاف مع الصديق والخصم والمسلم والكافر على حد سواء. قال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ) [89]

11 - الحرص على طلب الحق:

يجب ألا ننسى أن القرآن لا يجيز الحوار إلا لبيان الحق، وإقناع الآخرين به، وإتمام الحجة عليهم، وإذا كان الأمر هكذا فالحرص والتجرد لطلب الحق بعيدا عن أي مؤثر آخر هو أصل أساسي من أصول الحوار، ويمكن لتحقيق هذا الأصل أن يفترض المحاور المسلم - ولو نظريا - احتمال ثبوت الحق على لسان الطرف الآخر.

قال تعالى: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [90].

ويجب اتباع الحق بصرف النظر عن الذي ينطق به، ولا يجوز بأي حال من الأحوال الانحراف عنه أو رفضه.

قال تعالى: (أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى) [91]

ورفض الحق ليس إلا ضلالا وانحرافا بنص القرآن الكريم، (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ). [92]

هذه هي بعض الأصول التي وضعها القرآن الكريم للحوار مع الآخر، وطبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا في التعامل مع غير المسلمين بشتى أصنافهم، وفيها نبراس لمن يريد الدخول في حوار منتج وهادف للوصول إلى الحق.

هذا وصلى الله تعالى وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.

--------------------------------------------------------------------------------

أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد – كلية أصول الدين- الجامعة الإسلامية العالمية –إسلام آباد

[1] محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، طبعة دار مكتبة الحياة، بيروت، 1306ه،3/ 162؛ وأحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت،2001، ص269.

[2] محمد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت 1416 ه، 4/ 218.

[3] أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، تحقيق وضبط محمد سيد كيلاني، طبعة دار المعرفة، بيروت، بدون ذكر تاريخ النشر، ص 135.

[4] سورة الانشقاق، الآية 14.

[5] محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، طبعة دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967م، 19/ 273.

[6] سورة المجادلة، الآية 1.

[7] جلال الدين محمد بن أحمد المحلي وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تفسير الجلالين، طبعة دار المعرفة، بيروت، بدون ذكر تاريخ النشر، 1/ 724.

[8] سورة الكهف، الآية 34.

[9] محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 10/ 403.

[10] أخرجه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري، صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإيمان، باب حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر، طبعة دار أبي حيان، القاهرة 1995م،1/ 325

[11] شرح صحيح مسلم،الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، طبعة دار أبي حيان، القاهرة 1995م، 1/ 326.

[12] رواه الإمام محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون ذكر تاريخ النشر، 5/ 497.وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

[13] انظر: محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 19/ 273.

[14] الندوة العالمية للشباب الإسلامي، أصول الحوار، طبعة الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض 1408 ه، ص9

[15] الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، أصول الحوار وآدابه في الإسلام، طبعة دار المنارة، جدة، بدون تاريخ، ص 3

[16] بسام داود عجك، الحوار الإسلامي المسيحي، طبعة دار قتيبة 1418ه. ص 20

[17] الدكتور منقذ بن محمود السقا، الحوار مع أتباع الأديان- مشروعيته وآدابه، طبعة رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، ص 4.

[18] الدكتور أحمد سيف الدين التركستاني، الحوار مع أصحاب الأديان مشروعيته وشروطه، نسخة إلكترونية موجودة ضمن برنامج المكتبة الشاملة، ص 10.

[19] الدكتور منقذ بن محمود السقا، الحوار بين أتباع الأديان، ص5 21، نقلا عن الكافية في الجدل للجويني ص 21.

[20] ابن منظور، لسان العرب 12/ 105.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015