ومثل: (الحي القيوم)، فإن (الحي) من له الحياة الكاملة العظيمة الجامعة لجميع معاني الذات، و (القيوم) الذي قام بنفسه، واستغنى عن جميع خلقه، وقام بجميع الموجودات، فهو الاسم الذي تدخل فيه صفات الأفعال كلها.
ومثل: اسمه (العظيم الكبير) الذي له جميع معاني العظمة والكبرياء في ذاته وأسمائه وصفاته، وله جميع معاني التعظيم من خواص خلقه.
ومثل قولك: (يا ذا الجلال والإكرام) فإن الجلال صفات العظمة والكبرياء، والكمالات المتنوعة، والإكرام استحقاقه على عباده غاية الحب، وغاية الذل وما أشبه ذلك.
فعلم بذلك أن الاسم الأعظم اسم جنس، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة الشرعية والاشتقاق، كما في السنة أنه سمع رجلاً يقول: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد)، فقال: (والذي نفسي بيده، لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى).
وكذلك الحديث الآخر حين دعا الرجل، فقال: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام، ياحي ياقيوم فقال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى). رواه النسائي وصححه الألباني.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (اسم الله الأعظم في هاتين السورتين: (وإلهاكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم).، (الله لا إله إلا هو الحي القيوم). رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فمتى دعا الله العبد باسم من هذه الأسماء العظيمة بحضور قلب ورقة وانكسار لم تكد ترد له دعوة والله الموفق. ص 78 ـ 80.
10 ـ يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (والرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخص من هذا: تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل لأنهم يطلبون منه التربية الخاصة).ص88 ـ 89.
11 ـ اسم الله تعالى (الأحد) فقد ورد مرة واحدة في القرءان وذلك في قوله تعالى: (قل هو الله أحد). ص104
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[20 Feb 2009, 07:38 م]ـ
12 ـ قال تعالى: (لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار).
لم أعثر على اسم آخر في كتاب الله عزوجل قد اقترن باسمه سبحانه (الواحد) غير اسمه القهار.
يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (ووحدته تعالى وقهره متلازمان فالواحد لا يكون إلا قهاراً، والقهار لا يكون إلا واحداً وذلك ينفي الشركة من كل وجه).
ويقول أيضاً: (فإن القهر ملازم للوحدة فلا يكون اثنان قهاران متساويين في قهرهما أبداً فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، وهو الذي يستحق أن يعبد وحده كما كان قاهراً وحده).
كما يشير هذا الاقتران إلى معنى بديع: وهو أن الغلبة والإذلال من ملوك الدنيا إنما يكون بأعوانهم وجندهم وعُددهم، والله تعالى يقهر كل الخلق وهو واحد أحد فرد صمد مستغن عن الظهير والمعين. فاقتران الاسمين يشير إلى كماله سبحانه في تفرده وكماله في قهره. ص 112 ـ 113.
13 ـ قال ابن القيم رحمه الله: (إن (الرحمن) دال على الصفة القائمة به سبحانه و (الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته.
وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: (وكان بالمؤمنين رحيماً) وقوله: (إنه بهم رءوف رحيم). ولم يجيء قط (رحمن بهم) فعلم أن (الرحمن) هو الموصوف بالرحمة، (والرحيم) هو الرحيم برحمته).
ويقول في موطن آخر: (ولم يجيء رحمن بعباده ولا رحمن بالمؤمنين مع ما في اسم (الرحمن) ـ الذي هو على وزن فعلان ـ من سعة هذا الوصف وثبوت جميع معناه للموصوف به. ألا ترى أنهم يقولون: غضبان للممتلئ غضباً وندمان، وحيران، وسكران، ولهفان، لمن مُلئ بذلك، فبناء فعلان للسعة والشمول.
ولهذا يقرن استواءه على العرش بهذا الاسم كثيراً كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)، (ثم استوى على العرش الرحمن). فاستوى على عرشه باسم الرحمن، لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها، والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء) فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كل شيء.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما قضى الله الخلق: كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي) وفي لفظ (فهو عنده على العرش).
فتأمل اختصاص هذا الكتاب بذكر الرحمة ووضعه عنده على العرش، وطابق بين ذلك وبين قوله: (الرحمن على العرش استوى) وقوله: (ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيرا). يفتح لك باباً عظيماً من معرفة الرب تبارك وتعالى إن لم يغلقه عنك التعطيل والتجهم). ص 120 ـ 121.
14 ـ قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم): (والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمى به غيره، ومنها ما لا يسمى به غيره كاسم (الله)، (الرحمن)، (الخالق)، (الرزاق) ونحو ذلك، ولهذا بدأ باسم الله الموصوف (بالرحمن) لأنه أخص وأعرف من (الرحيم) لأن التسمية أولاً إنما تكون بأشرف الأسماء، فلهذا ابتدأ بالأخص فالأخص). ص 122.
¥