ـ[أبو المهند]ــــــــ[11 Oct 2008, 10:49 م]ـ

أشكر الإخوة الكرام على ما أفادوا به، وأخص فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الفتاح على ما تفضل به، وأستأذنه في أن أدلي بدلوي لا تقدما بين يديه، وإنما رغبة في تذاكر العلم مع أهله لنستفيد مما يفيدوننا به من توجيه وإرشاد

شكر الله لكم حسن قولكم، وكم أجاهد من أجل بسط هذا النوع من الأدب قبل العلم فجزاكم الله خيراً.

فإن إرادة القلة منافية للبلاغة. ولايخفى على متأمل ما يدل عليه السياق في قوله تعالى: (شاكراً لأنعمه) وقوله: (فكفرت بأنعم الله) من إرادة الكثرة، وأن إرادة القلة منافية للبلاغة، مجافية للبيان، مخالفة لسَنن العرب.

قلت: حفظكم الله ورعاكم للعلم أهلا ولكن من باب تذاكر العلم أقول:

لقد أفدت مما ساقة الأستاذ عبد العزيز وهو محق في كل ما نقله ولكن أختلف معه في حكمه على منافاة جمع القلة للبلاغة، أو مرجوحية جمع القلة في مقام الحديث عن خليل الرحمن سيدنا إبراهيم ـ عليه وعلى نبينا أفضل السلام وأزكى التسليم ـ وقياس " شاكرا لأنعمه" على" فكفرت بأنعم الله "

ولا أدعى العلم أو المعرفة فما الفقير إلا مجرد ناقل لأقوال من قالوا متضلعين باللغة من معينها، فماذا قالوا عين تفسير: فكفرت بأنعم الله" من حيثية القلة والكثرة؟

الجواب: قال الرازي:" إن الأنعم جمع قلة، فكان المعنى: أن أهل تلك القرية كفرت بأنواع قليلة من النعم فعذبها الله، وكان اللائق أن يقال: إنهم كفروا بنعم عظيمة لله فاستوجبوا العذاب، فما السبب في ذكر جمع القلة؟

الجواب: المقصود التنبيه بالأدنى على الأعلى يعني أن كفران النعم القليلة لما أوجب العذاب فكفران النعم الكثيرة أولى بإيجاب العذاب، وهذا مثل أهل مكة لأنهم كانوا في الأمن والطمأنينة والخصب، ثم أنعم الله عليهم بالنعمة العظيمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به وبالغوا في إيذائه فلا جرم سلط الله عليهم البلاء."

وتبعه الآلوسي قائلا:" وفي إيثار جمع القلة إيذان بأن كفران نعم قليلة أوجبت هذا العذاب فما ظنك بكفران نعم كثيرة "

ومن جهة أخرى انتصر الخازن للكثرة ونصه:" {بأنعم الله} جمع نعمة والمراد بها سائر النعم التي أنعم الله بها على أهل مكة فلما قابلوا نعم الله التي أنعم بها عليهم بالجحود والكفر، لا جرم أن الله تعالى انتقم منهم"

والفقير ينتصر لجمع القلة إذ من يشكر على قليل النعم {من وجهة نظر الناس} يكون ـ من باب الأولى ـ أكثر شكراً على كثيرها فتدبر.

ومما ينبغي أن يعلم أن تقسيم الجموع إلى جموع كثرة وجموع قلة إنما مصدره الاستقراء، والاستقراء التام في مثل هذه الأمور متعذر،

إذن فالأمر فيه سعة.

والسياق يدل على المراد دلالة بينة، فهو دليل خاص، والاستقراء دليل عام، والدليل الخاص مقدم، هذا لو قدر التعارض. هل قال بعين ما تفضلت به عالم من علماء التفسير أم هو من خاصتكم؟؟

والمسألة تحتاج إلى بسط أكثر، والنفس ضعيف، والله المستعان.

كلنا في شوق إلى المزيد، وأرجو المعذرة على التأخير إذ كنت بين الظعن من مصر والإقامة بأبها والله يتولانا برعايته.

أخيراً أقول: ما اختلافنا إلا اختلاف رحمة وإثراء ينصبّ كله في خدمة الكتاب العزيز الذي لا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد.

والله الموفق

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[12 Oct 2008, 06:34 ص]ـ

بارك الله فيك

ولكن قول القائلين بالقلة أراه يخالف سنة الله في اذاقة العذاب إذ تصل النعمة وكثرتها أن يقولوا من أشد منا قوة،ويزيدهم الله بسطة،وآخرون يقول لهم رسولهم إني أراكم بخير

فأين القلة هنا؟

هذا فضلا عن أن الآية توحي أن سلب النعم أدي إلي الجوع والخوف فيعني أنهم كانوا في شبع تام وأمن تام

وأري أن الأمر يحتاج لتأصيل جديد لمثل هذه الصيغ

فمثلا صيغة "نعم "تكون عطاء أوليا أما الأنعم فتترتب علي ما قبلها من شكر أو كفر فكأن الأولي عطاء ربوبية والثانية عطاء ألوهية لمزيد ابتلاء أو مزيد استدراج

وهذا يجب أن يتم وفقا لقاعدة صرفية ليطبق علي الصيغ المشابهة مثل نفوس وأنفس

ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Oct 2008, 01:46 م]ـ

وبارك فيكم أخي الكريم والأمر لا يتعدي أحد معنيين {القلة أوالكثرة} وأنت مع الكثرة لمرجحات تفضلتم بها وذكرتموها على عمومها من كون العذاب لا ينزل بقوم إلا بعد وقت طويل من الكفران المقابل لمزيد من النعم.

ولعل النكتة في وجاهة حمل كفران النعمة ـ عند أهل مكة ـ على القلة مقام البلد الحرام ومكانته، فمن يكفر بقليل النعم في مكة المكرمة كمن يكفر بكثيرها في غير مكة، ويعضد ذلك ويقويه أن مجرد الإرادة في الحرم لها حكم قال تعالى:" { .... وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} {الحج25} ولا يخفى على لبيب ما اختصت به مكة من أحكام دون سائر بلاد الله. ومن هنا كان ميلنا إلى جمع القلة في " فكفرت بأنعم الله " وتأكيد ما تفضل به العلامة الفخر وتلميذه الآلوسي مع تقديرنا لما ذهبتم إليه، ولمن سبقكم به كالخازن غيره. والعلم عند الله تعالى

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015