ـ[العمري]ــــــــ[05 Oct 2008, 10:08 ص]ـ
القران الكريم كلام الله المعجز الذي انزله على رسوله الكريم في امة فصيحة فهو بذلك البيان يكون حجة الرسول على أعدائه من العرب في القصاحة والبلاغة لان التحدي من جنس التفوق وهذا هو دأب الرسالات دوما ..
ومن اعجاز القران قدرته الفائقة على توظيف الالفاظ بما يناسب حال الكلا ووقف البيان بحيث يجلو المعنى عن موقف او حادثة ويشحن اللفظة بكثافة الدلالة دون غيرها مما يجعل القارىء والسامع على حد سواء في موقف تلق عام دون باعمال الفكر في هذه الاية او تلك.
.ومن روعة الذكر الحكيم توظيفه الجميل للجملة الاسمية والفعلية في مواضعها دون أي زلل في ذلك .. "فمعلوم ان الاسم يدل على الثبوت والاستقرار والفعل يدل على التجدد والحدوث" (1) وهذا ما نلحظه في الايات التي نطقت بذلك يقول الله سبحانه وتعالى " وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" [الأنفال: 33] انظر الى اللفظتين ليعذبهم و معذبهم الاولى جاءت في جملة فعلية والاخرى في جملة اسمية "فإذا كان نفي العذاب الاول عنهم متعلق بوجود الرسول (ص) بين ظهرانيه (وهو وجود غير دائم بدليل قوله تعالى " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ" [الزمر: 30]) جاء بالجملة الفعلية (ليعذبهم) ولما كان الاستغفار وهو سبب نفي الثاني وهو مستمر دائم جاء بالصيغة الاسمية " (2)
****
وانظر معي الى قصة اصحاب الكهف في حالتين وهم في كهفه وبعد خروجهم منه (بعد يقظتهم) ودعونا ناتي بالايات اولا قال تعالى "وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً" [الكهف:17 - 19] نرى من الايات ان الفتية كانو في سكون تام داخل الكهف لذا جاءت الايات بالجمل الاسمية (هُمْ فِي فَجْوَةٍ) و (هُمْ رُقُودٌ) و (كَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) اما الظواهر الطبيعية فظلت على حالها متحركة (طَلَعَت/ تَّزَاوَرُ/ تَّقْرِضُهُمْ) حتى اذا استيقظوا ودبت فيه الحركو ثانية (لا اقول الحياة لانهم لم يموتوا) جاءت الجمل الفعلية في حقهم واسمع معي (لِيَتَسَاءلُوا / قَالَ قَائِلٌ / لَبِثْنَا / فَابْعَثُوا / فَلْيَنظُرْ / فَلْيَأْتِكُم / لْيَتَلَطَّفْ ... الخ) ..
****
هكذا تسير الامور الجملة الاسمية للثبات والسكون والرسوخ والجملة الفعلية للحركة و النشاط والتجدد وسوف اقف مع مثال اخر يقول الله سبحانه وتعالى "إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" [الأنعام: 95] " استعمل الفعل مع الحي فقال: (يخرج) واستعمل الاسم مع الميت فقال: (مخرج) وذلك لان ابرز صفات الحي الحركة والتجدد فجاء عه بالصيغة الفعلية الدالة على الحركة والتجدد ولان الميت في حالة همود وسكون وثبات جاء معه بالصيغة الاسمية الدالة على الثبات " (3) الى جانب " ان الاعتناء بشأن اخراج الحي من الميت أشد أتى فيه بالمضارع ليدل على التجدد، اما لفظ الاسم فنه لايفيد التجدد " (4)
¥