ـ[أم الأشبال]ــــــــ[18 Sep 2008, 05:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، الصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
قال تعالى:
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام:38)
وأنا أقرأ قوله تعالى:"ولا طائر يطير بجناحيه"، قلت هناك طير لا يطير، بل يدب على الأرض، وهو النعامة، وقد عرفه العرب قديما، هل نستطيع أن نقول أن قوله تعالى: " يطير بجناحيه" تمييز لهذه الطيور عن الطير الذي لا يطير.والله أعلم وأحكم.
قال شيخ المفسرين الطبري:
فإن قال قائل: فما وجهُ قوله:"ولا طائر يطير بجناحيه"؟ وهل يطير الطائر إلا بجناحيه؟ فما في الخبر عن طيرانه بالجناحين من الفائدة؟
قيل: قد قدمنا القول فيما مضى أن الله تعالى ذكره أنزل هذا الكتاب بلسان قوم، وبلغاتهم وما يتعارفونه بينهم ويستعملونه في منطقهم خاطبهم. فإذ كان من كلامهم إذا أرادوا المبالغة في الكلام أن يقولوا:"كلمت فلانًا بفمي"، و"مشيت إليه برجلي"، و"ضربته بيدي"، خاطبهم تعالى بنظير ما يتعارفونه في كلامهم، ويستعملونه في خطابهم، ومن ذلك قوله تعالى ذكره (إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَي) [سورة ص: 23].
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[18 Sep 2008, 10:56 ص]ـ
وأود أن أضيف:
الذي يقرأ قوله تعالى " وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ "، يتصور إذا تأمل الآية صورة الطير وهو يطير، فالفعل " يَطِيرُ " مضارع، لكنه يكمل فيقرأ " بِجَنَاحَيْهِ " يتذكر الفرخ الذي لم يستطع الطيران بعد يتذكر الطير الذي لا يطير كالنعامة، والقرآن نزل على العرب وبلغتهم، وقد كانت النعامة جزء من حياتهم، واسمع ما يقوله فارس النعامة الشاعر العربي المشهور:
قربا مربط النعامة مني* جد نوح النساء بالإعوال
قربا مربط النعامة مني * شاب رأسي وأنكرتني الفوالي
قربا مربط النعامة مني * للشرى والغدو والآصال
قربا مربط النعامة مني * طال ليلي على الليالي الطوال
قربا مربط النعامة مني * لاعتناق الأبطال بالأبطال
قربا مربط النعامة مني * واعدلا عن مقالة الجهال
قربا مربط النعامة مني * ليس قلبي عن القتال بسال
قربا مربط النعامة مني * كلما هب ريح ذيل الشمال
قربا مربط النعامة مني* لبجير مفكك الأغلال
قربا مربط النعامة مني * لكريم متوج بالجمال
قربا مربط النعامة مني * لا نبيع الرجال بيع النعال
فالقرآن الكريم يحث المطالع فيه على التأمل في هذا الملكوت والتفكر في بديع ما صنع المليك، ليس غريبا أن تجبرنا عباراته على التأمل والتفكر، والله أعلم وأحكم.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[19 Sep 2008, 02:04 ص]ـ
يكون تمييزا لو كانت النعامة أو غيرها تطير بقدميها لا بجناحيها فتأمل
ـ[محمد خليل البركاني]ــــــــ[19 Sep 2008, 04:28 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
أخي عبد الجبار، وفقني الله و إياك لما يحب و يرضى.
إن التأمل و التدبر في الكلمات إنما يكون في سياق الاية و دلالاتها - الظاهرة منها أو الخفية -.
يقول سبحانه و تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون) سورة الانعام
محاولة التمييز بين ما يطير بجناحيه، و ما له جناح و لا يطير - بل يدب على الارض - كالنعامة مثلا، تحصر الاية الكريمة في أمم (أصناف) دون أخرى. قد يقول أحدهم: و أين الاسماك التي تسبح في الماء؟ و النبات الذي لا يتحرك من مكانه؟ و هل نصنف أيضا الكائنات المجهرية؟
الله سبحانه و تعالى يعمم النعم و لايخصصها.
يقول عز من قائل: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) سورة إبراهيم 34 و سورة النحل 18.
و هذا التعميم يدعمه نكرة كلمة "أمم". فالله سبحانه و تعالى لم يقل "الامم".
بل، زاد الله سبحانه و تعالى تعميما للامم في قوله عز من قائل: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ)
أخرج ابن جرير رحمه الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أنزل في هذا القرآن كل علم، وميزّ لنا فيه كل شيء ولكنّ علمنا يقصْر عما بين لنا في القرآن.
ما هو الدرس الذي نستفيده من الاية الكريمة؟ أين الانسان من هذه الاية؟
إنها كلمة (ٌ أَمْثَالُكُم).
إنها المماثلة.
قال الإمام الطبري في هذه الآية في تفسيره جامع البيان عن تأويل القرءان "جعلها أجناسا مجنسة وأصنافا مصنفة تعرف كما تعرفون وتتصرف فيما سخرت له كما تتصرفون ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب ".
و الله أعلم.
¥