ـ[أحمد شكري]ــــــــ[18 Sep 2008, 08:44 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

يُعدُّ موضوع تقسيم وتجزئة وتحزيب القرآن الكريم أحد موضوعات علوم القرآن الكريم الفرعية، وقد تناوله بالبحث عدد من العلماء وذكروا أشهر التقسيمات القديمة بدءا من التنصيف والتثليث حتى الأقسام الأربع مئة وثمانين. والتفاوت بين المقسمين والنقلة في تحديد أوائل الأجزاء والأحزاب والأرباع موجود، كان الصفاقسي يشير إليه في كتابه (غيث النفع)، ونراه في مصاحف أهل المشرق وأهل المغرب إلى الآن.

فالاجتهاد في عدد الأقسام وأماكنها أمر حاصل موجود، وكنت سمعت من بعض أساتذتي أن عدداً من علماء الأزهر المتخصصين في الدراسات القرآنية طرحوا موضوع إعادة التقسيم بما يتفق مع المعاني أكثر، وأن هذه الدعوة قوبلت باعتراض عدد آخر، مما أدى إلى إقفال الباب حينها وعدم بحث الموضوع بجد.

وكان الإمام النووي ذكر في كتابه (التبيان) نقده لأوائل عدد من هذه الأجزاء وأبعاضها لحصولها في ما اتصل معناه، وأن الأولى اختيار أماكن بدء وقطع مقاربة لها لا تؤثر في المعنى، وهو أمر ممكن ميسور في جميع هذه المواضع، وبما أن ما ورد النص فيه من تقسيم القرآن إلى أقسام قليل كالحديث المتضمن أنها أربعة أقسام هي الطوال والمئين والمثاني والمفصل، وتقسيم الصحابة له إلى سبعة أحزاب، فلا يوجد ما يمنع من الاجتهاد في التقسيم. وهذا ما فعله الأئمة الكبار حين قسموا قديما، وذاع من بين هذه التقسيمات تقسيم الثلاثين جزءا وانتشر وطبعت به المصاحف وأصبح بذلك في حكم المستقر الثابث مع أنه أحد الاجتهادات، ولكن لشهرته وذيوعه فإن مخالفته تحتاج إلى تأنٍّ وتأمل، وتسويغ وبيان للحامل على تغييره.

وهذه مسألة - كما ذكر عدد من الإخوة الفضلاء- تبحث بين المتخصصين في الدراسات القرآنية، مع الحذر الشديد من حصول إشكال بين العامة بسبب مثل هذا الفعل، وها نحن نرى في هذه الأيام انتشار طبعات عديدة للمصحف فيها إضافات وتجديدات قد يكون بعضها محل نظر كاستخدام الألوان لتمييز موضوعات السورة وتسهيل حفظها وعمل فهرسة للسور وللأجزاء متداخل مع صفحات المصحف لتيسير الوصول إلى المراد بسهولة، واستخدام الألوان في بعض الألفاظ كلفظ الجلالة أو للدلالة على أحكام التجويد، وتلوين أحرف الخلاف بين القراء، وإثبات أوجه الخلاف في الحاشية، ومن المعلوم أن رسم عدد من الألفاظ مختلف فيه بين علماء الرسم وقد لا ينتبه كثير من الناس إلى ما يحصل في المصحف الواحد من تغيير في رسم بعض الألفاظ كما حصل في المصحف المكتوب بخط عثمان طه حفظه الله حيث أدخل عليه تعديلات عديدة في مراحل نشره المتعددة.

وما كتب هنا من أفكار متفقة أو متعارضة كلام جميل يحتاج إلى توسع أكثر وتريث قبل الإقدام عليه، والله الموفق.

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Sep 2008, 01:41 ص]ـ

الحمد لله الذي يسَّر لهذا الملتقى أعضاء متميزون في الطرح والنقاش المفيد، وكم يفرحني أن أجد مثل هذا النقاش القوي والجادِّ على صفحات الملتقى.

وأقول: إننا ـ أحيانًا ـ نتخوَّف من فكرة ما، لكن إذا رأيناه على الواقع قد تتبدل تخوفاتنا بعد لك.

وهاأنذا أرى المصحف الجديد الذي طبعه مجمع الملك فهد ـ رحمه الله ـ قد غزى الأسواق وساد حتى ألغى الطبعة الأولى، فهل للإخوة اعتراض على التجديد الموجود فيه؛ كتركهم للوقف الممنوع بالكلية؟

وأقول: حينما يصدر أمر التحزيب من لجنة علمية متخصصة فإنه لا يمس النص القرآني من قريب ولا من بعيد، فهل هناك من بأس؟

ألم يقم علماء القرآن في المصحف الأول من طبعة مجمع الملك فهد ـ رحمه الله ـ الذي كان برئاسة العلامة الشيخ عبد العزيز قارئ بالاستدراك على المصحف المصري، وحذف أشياء كانت موجودة فيه، كالبيانات التي تكون مع أسماء السور، فهل أوقع ـ ذلك الحذف ـ المسلمين في إرباك أو اختلاف؟

وهل سيصحُّ لنا أن نقول للجنة المصحف: (وقال ـ الإمام مالك ـ قولته المشهورة ((حتى لاتصبح الكعبة لعبة بأيدي الملوك)).).

إن التجديد الذي تقوم به لجان المصاحف اليوم لا ينتظر مشورتنا، بل يقوم به أعضاء لجان المصاحف، ويتمُّ الأمر، ويوزع المصحف بين الناس، ولا نرى بعد ذلك أيَّ اعتراض.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015