فإن الفطر في نهار رمضان من أغلظ الذنوب وأكبر الكبائر، وقد ثبت فيه من الوعيد ما يفري الأكباد ويقض المضاجع، فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقال: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة. قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً. قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ..... صححه الحاكم والذهبي، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من أفطر عامداً بغير عذرٍ كان تفويته لها من الكبائر. انتهى.

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: وعند المؤمنين مقرر: من ترك صوم رمضان بلا عذر بلا مرض ولا غرض فإنه شر من الزاني والمكَّاس ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال. انتهى.

فعليك أيها الحبيب أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً مصحوبة بالندم البالغ على هذا الذنب العظيم، وثق أنك إذا فعلت فإن الله تعالى سيقبل توبتك ويقيل عثرتك، وعليك مع التوبة قضاء هذين اليومين اللذين أفطرتهما عامداً، وليس عليك شيء غير القضاء في قول الشافعي وأحمد، وأما مذهبُ أبي حنيفة ومالك فلزوم الكفارة مع القضاء، والصحيح الأول فإن الكفارة إنما تلزمُ في الفطر بالجماع وليس غيره في معناه.

قال النووي في المجموع: فرع في مذاهب العلماء فيمن أفطر بغير الجماع في نهار رمضان عدوانا: ذكرنا أن مذهبنا أن عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية النهار، وإذا قضى يوما كفاه عن الصوم وبرئت ذمته منه، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء، قال العبدري: هو قول الفقهاء كافة ... وأما الكفارة فيه والفدية فمذهبنا أنه لا يلزمه شيء من ذلك -كما سبق- وبه قال سعيد بن جبير وابن سيرين والنخعي وحماد بن أبي سليمان وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة: ما لا يتغذى به في العادة كالعجين وبلع حصاة ونواة ولؤلؤة يوجب القضاء ولا كفارة، وكذا إن باشر دون الفرج فأنزل أو استمنى فلا كفارة، وقال الزهري والأوزاعي والثوري وإسحاق: تجب الكفارة العظمى من غير تفصي، ل وحكاه ابن المنذر أيضاً عن عطاء والحسن وأبي ثور ومالك، والمشهور عن مالك أنه يوجب الكفارة العظمى في كل فطر لمعصية كما حكاه ابن المنذر. انتهى بتصرف.

والله أعلم.

http://ramadan.islamweb.net/ramadan/index.php?page=FatwaCategory&lang=صلى الله عليه وسلم&CatId=1710

هل يكون توجيه كلام الإمام الذهبي رحمه الله تعالى أنه قاله من باب الترهيب؟ كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من استطاع أن يحج ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا". ومعلوم أن أهل السنة والجماعة يجمعون بين الأدلة كلها، لا يسلكون طريقة الخوارج الذين ضاعوا وضلوا، فتوجيه كلام سيدنا عمر رضي الله عنه، أنه من باب الترهيب، ليس على حقيقة المروق من الدين بمجرد التهاون عن حج البيت دون الجحود، والعرب تقول كلاما في الترهيب لا يقصد به اللفظ نفسه، كقوله عليه الصلاة والسلام: ((قتلوه قتلهم الله))، وقوله: ((ثكلتك أمك يا معاذ)).

وظاهر كلام الإمام الذهبي وشيخ الإسلام بن تيمية الذي ذكر فيه الخلاف، أنه متعلق بتارك الصيام مطلقا، لا تارك يوم والله أعلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد رأى النار وفيها تنور في دركها الأسفل فيه أناس عراة يعذبون، وهم الزناة، أعاذنا الله وإياكم، وكذلك رأى الذين يفطرون قبل تحلة صيامهم، معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل دما، وسمع عواءهم، فسأل عنهم، فقيل هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم. صححه الشيخ ناصر الدين.

فالله أعلم بأعظم الذنبين، آلزنى أم الفطر عمدا؟، لكن كلاهما كبير، وشطر مستطير، أعاذنا الله وإياكم والمسلمين من ذلك.

هذا وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، وأستغفر الله العظيم.

ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 Sep 2008, 12:46 ص]ـ

بارك الله فيكم

فائدة

كلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمله بعض أهل العلم على ظاهره من التكفير

وانظر كلام ابن تيمية في المشاركة رقم 13

(وَأَمَّا مَعَ الْإِقْرَارِ بِالْوُجُوبِ إذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ فَفِي التَّكْفِيرِ أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ هِيَ رِوَايَاتٌ عَنْ أَحْمَد: (أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَكْفُرُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ حَتَّى الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَمَتَى عَزَمَ عَلَى تَرْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ كَفَرَ وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَد اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ)

انتهى

قم الفتوى (1029)

موضوع الفتوى حكم ترك ركن من أركان الإسلام

السؤال س: مَنْ لم يؤدِّ ركنا من أركان الإسلام، ما هو حكم الشرع في ذلك؟

الاجابة

يعتبر كافرًا إذا كان مُطَالَبًا بذلك الركن. فأما التوحيد: فهو فرض على كل مُكَلَّف، ولا يسقط بحال، وكذا الصلاة والصيام واجبان على كل مسلم عاقل بالغ، فَمَنْ ترك الصلاة أو الصيام مع العلم والقدرة خرج من الإسلام إذا كان مُتَعَمِّدًا، وأما الزكاة فلا تجب إلا على مَنْ عنده مال يبلغ نصاب الزكاة، فإذا منعها وهو قادر وَأَصَرَّ على المنع دُعِيَ إليها، فإن امتنع وجب قتاله، وإن قُتل على الامتناع فهو كافر. وأما الحج فلا يجب إلا على مَنِ استطاع إليه سبيلًا، فمن قَدَرَ على الحج وتركه، فقد ورد الوعيد فيه أنه يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا! وذلك دليل على كفره. والله أعلم.

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=1029&parent=786

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015