الدكتور عبد الرحمن الشهري: ولذلك تذكرون أنني اقترحت أن في رمضان هذا نكتفي بسورة البقرة , حتى من يشاهدنا ذكرنا لهم أن يكتفوا في رمضان هذا بسورة البقرة.

الدكتور محمد الخضيري: أبشرك قبل أمس أرسل لي أحد المشايخ وقال: اقتراحكم هذا طبقه مجموعة عندنا بالمدينة.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: اقتراح آخر اقترحه وهوجمع الآيات العقدية في سورة البقرة فقط وذكرعلاقتها بالأحكام الشرعية ,فقد كررنا كثيرا أن سورة البقرة اشتملت على الشرائع الإسلامية , كالصيام والصلاة والإنفاق والزكاة والحج , لكنها اشتملت أيضا على آيات عقدية في غاية الدقة , هذه الآيات العقدية لو تستخرج ثم تربط بالعبادات الموجودة , ما علاقتها بها , يعني الآن: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} التقوى على سبيل المثال , التقوى في سورة البقرة والمواضع التي ترد فيها , انظر كيف ابتدأنا بها ولا زلنا فيها: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} حقيقة , حتى التعبير هنا بالمد الواجب المتصل في {وَأُولَئِكَ} وهو إشارة إلى البعيد أليس كذلك؟ فمن مقاصدها البلاغية أشارة إلى بعده أو علو قدره كما في هذه الآية.

الدكتور مساعد الطيار: دلالة اسم الإشارة الدالة على البعد.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: عندما تستخدمه فهو يدل على معاني , فقوله {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} هذا أشارة إلى علو قدرهم وعلو مكانتهم

الدكتور مساعد الطيار: وفي المقابل قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} البقرة , إشارة ..

الدكتور عبد الرحمن الشهري: إلى بعدهم عن الخير.

الدكتور مساعد الطيار: طيب الآن بعد هذه الآية ستلاحظ انه بدأ يدخل في أحكام , القصاص , ثم الوصية , طبعا في القصاص لا يخفى كم تكلم العلماء عن قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} وبعدها { .. حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)} وبعدها: {عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)}

الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذه ملفتة للنظر.

الدكتور مساعد الطيار: السورة سورة التقوى , فلو تأملت التقوى من خلال سورة البقرة تجدها مليئة.

الدكتور محمد الخضيري: ذكرت في أكثر من 40 موضعا في هذه السورة.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: ونحن نقول إن آيات سورة البقرة آيات عبادات ومعاملات , فنحن قد نأخذ انطباع مسبق عن السورة , فحينما نقول أن السور المدنية مليئة بالأحكام , فقد نغفل الجوانب التربوية والعقدية , ولكن مجيء الآيات العقدية بين آيات الأحكام له فوائد كثيرة ومغازي تربوية.

الدكتور محمد الخضيري: أقول- والله اعلم - ذكر القصاص وابتدأ به لأنه امتحان للتقوى في مضيق , يعني الآن لما يقال: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} امتحان للتقوى , {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} تتبع بالمعروف {وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} تؤدي أيها القاتل الدية بإحسان {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فمن اعتدى خالف التقوى, ثم بعد ذلك قال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} امتحان أيضا للتقوى في أعسر مواضعها , ترى الإنسان قد يكون مصلي لا يفوت من الصلاة ركعة , وقد يصوم رمضان ولا يفطر حتى في السفر وقد يحج كل عام , لكن لما تأتي قضية قتل واحد من أبناء القبيلة ينتهي الدين , نسأل الله العافية ..

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015