الدكتور مساعد الطيار: ومن الفوائد المهمة في قضية المقاصد وأشار إليها الدكتور محمد قضية أنه عندما يكون للسورة عند العلماء أكثر من مقصد , يختلفون فكل يخرج بمقصد , والملاحظ أنه لا يمكن أن تتناقض المقاصد فلا تتزاحم , لكن يمكن أن يدخل بعضها في بعض أو يكون ما بينها من باب التلازم, أو يكون فيها شيء من التنوع , فهذا يذهب لمقصد والآخر لمقصد آخر , مثلا سورة آل عمران كما ذكرتم؛ قد يكون مقصدها الأساسي الحديث عن أُحد وما حصل فيها و في المنهج , أو قد يكون الحديث عن مجادلة النصارى, هذان المقصدان لا يتعارضان ولا يتزاحمان , كما يقول راعي روح المعاني الألوسي: [النِكت لا تتزاحم] فهذا صحيح وهذا صحيح , وأنت لو تأملت ستجد أن السورة وأنت تتحدث عنها لو وضعت هذا المقصد فإن كثير من آيات السورة تخدم هذا , و إذا وضعت لها مقصد آخر وجدت أيضا أن كثير من آيات هذه السورة تخدم أيضا المقصد الآخر, وأنا عندي أن هذا فيه إشارة إلى شيء من إعجاز القرآن فيما يتعلق بموضوعاته ومقاصده , وهذا الاختلاف - الذي نراه بين العلماء - لأنه قد يظهر لشخص مالا يظهر لغيره , فيظهر لشخص جانب وهو صحيح لا إشكال فيه , ولذا فأنا استغرب من الذين يخطئون بعضهم في مثل هذه الأمور الاجتهادية ويزعم أن ما ذكره هو الصحيح دون غيره , مع أن الأمر اجتهادي , فالأولى أن يقول الأقرب عندي كذا ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: اذكر أحد الباحثين المعاصرين يكتب في موضوع نظام الآيات والوحدة الموضوعية و السور ومقاصدها فله عناية كبيرة بكتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي , وهو من لبنان نسبة لسهل البقاع , فيقول أن البقاعي قد بالغ في الثناء على كتابه نظم الدرر, وقد توقفت عند كثير من المناسبات التي يذكرها فوجدت أنها ليست كما ذكرها بل أنه في المقدمة يقول وقد استغرق مني البحث في بعض مناسبات الآيات شهورا كمثل قول تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)} آل عمران , فتتبعت كثير من المناسبات التي يذكرها فوجدت أنها ليست كما يذكرها , وهو- رحمه الله - يقول وقد استغرق مني البحث فيها شهورا , وذكر أمثلة أخرى فيقول بقيت فيها شهور, ولا يظن الظان أن المناسبة كانت قبل اكتشافي لها كما هي الآن ظاهرة له , فقد تعبت فيها, فيقول الباحث فعندما تتأمل في المناسبة التي ذكرها تجد أن السياق لا يخدمها , الشاهد أنك تقول أن بعض المؤلفين يخطئ الآخرين؛ فيقول أخطأ في فهم مقصود السورة والصحيح هو ما ذكرته أنا , وأنا أقول أن السبب في ذلك ما يجده الباحث في نفسه من تكاثر الأدلة على الشيء الذي ذهب إليه وكأنها تسعفه ,فيذهب لتخطئة الأقوال الأخرى, ويرى أنها ضعيفة ,لأن ليس هناك من أدلة مما يدعم وجهة نظر قائلها , وأنا أتصور كما تفضل الدكتور مساعد أن هذا يعتمد على العلم الذي يحظى به الباحث أولا, فبعضهم أكثر وأغزر علما ومعرفة بالقرآن الكريم وما يتعلق به مثل المعرفة بالسنة واللغة و االبلاغة ودقائقها , فهذه كلها مؤثرة في وصول الباحث إلى مقصود السورة.
الدكتور محمد الخضيري: وطول المعايشة لكتاب الله ,لكن دعونا ننتقل لأمر مهم جدا وهو ما هو الفرق بين مقاصد السورة وموضوعات السورة؟
قد يقول بعض الأخوة الآن ستتحدثون عن الموضوعات إذا عما كنتم تتحدثون قبل قليل؟ نقول المقصود بمقصد السورة هو الأمر الجامع والكلي , أما الموضوعات فهي القضايا الداخلية التي تتحدث عنها السورة التي يمكن أن تنظر إليها على أنها أجزاء لكن هناك شيء يجمعها ويربطها جميعا وهو المقصد.
الدكتور مساعد الطيار: وأيضا الموضوعات تدلك إلى المقصد.
إذن ذكرنا للسامع مما يعين على معرفة المقصد: اسم السورة , مقدمة السورة وموضوعات السورة فهذه ثلاث قضايا لو نظر فيها الناظر تؤدي به إلى المقصد.
¥