أمثال القرآن (رياض أدهمي)

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 صلى الله عليه وسلمug 2008, 09:04 م]ـ

أمثال القرآن

أ. رياض أدهمي

المصدر: مجلة الرشاد ( http://www.alrashad.org/abhath/صلى الله عليه وسلمdhami-صلى الله عليه وسلمmthal-Quran.htm)

درج علماء اللغة و التفسير عند الحديث عن أمثال القرآن على اعتبار المعنى المراد من الأمثال محصوراً في الصورة الإجمالية المرسومة بالمثل , و أن العبرة تكمن في مطابقة حال من يضرب لهم المثل للصورة الإجمالية الكلية للتشبيه أو المثل. و يذهب علماء اللغة و التفسير إلى أبعد من مجرد تقرير القاعدة فيؤكدون أن أجزاء المثل و عناصر صورته ليست مقصودة و لا معتبرة في تعيين المعنى و استنباط الحِكَم و العِبَر.

و قد صرح الإمام الزمخشري في الكشاف عند شرح المثلين الأولين في سورة البقرة بهذه القاعدة فقال: و الصحيح الذي عليه علماء البيان لا يتخطونه أن التمثيلين جميعاً من جملة التمثيلات المركبة دون المفرقة , لا يتكلف الواحد واحد شيء يقدر شبهه به. و هو القول الفحل و المذهب الجزل. بيانه أن العرب تأخذ بأشياء فرادى , معزولاً بعضها من بعض , لم يأخذ هذا بحجزة ذاك فتشبهها بنظائرها , كما فعل امرؤ القيس و جاء في القرآن. و تشبه كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامت و تلاصقت حتى عادت شيئاً واحداً بأخرى مثلها. فأما أن يراد تشبيه الأفراد بالأفراد غير منوط بعضها ببعض و مصيره شيئاً واحداً , فلا.

و عند استعراض تفاسير القرآن و ما قرره المفسرون عند شرح أمثال القرآن نجد أن المفسرين قد التزموا بهذه القاعدة التي يقررها الإمام الزمخشري إلى حدٍ بعيد.

و قد لفت نظري عند تناول بعض أمثال القرآن بالشرح و التفصيل أن بعض العلماء المحدثين تناولوا بعض أمثال القرآن و عرضوا معانيها و دروسها بمنهج آخر لا يقف عند حدود الصورة الإجمالية بل يتجاوزها إلى أجزاء و تفاصيل صورة المثل ليستنتج من كل جزء من أجزاء المثل عبرة و حكمة أو معنىً تربوي أو أخلاقي معرضين في ذلك عن تقرير علماء اللغة و التفسير.

فقد شرح الأستاذ البهي الخولي في كتاب " تذكرة الدعاة " المثل القرآني " أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها. . . . . " و عقد مقارنات لطيفة بين عناصر المثل و جزئيات صورته و بين دلالاته التربوية و الأخلاقية و جاء في ذلك بالكثير من المعاني الطيبة التي ترتبط بشكل وثيق بالجزئيات و عناصر المثل ضمن مرجعية لغوية و قرآنية حديثية رصينة.

و كذلك شرح الدكتور عبد الله دراز في كتاب " النبأ العظيم " المثل القرآني في أول سورة البقرة " مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً " و المثل " أو كصيبٍ من السماء فيه ظلمات و رعد و برق " و جاء في شرحه لهذين المثلين بالمطرب المعجب من عجائب ارتباط جزئيات المثل و عناصر صورته بالعبر و الحكم التربوية و الأخلاقية , كل ذلك بمنهج رصين يستند إلى اللغة و يربط معاني الآيات بما يماثلها في آيات أخرى و أحاديث نبوية ترشح و تقوي ما ذهب إليه من دلالات المثل و عبره و دروسه.

و الناظر إلى ما قدمه الأستاذ البهي الخولي و الشيخ عبد الله دراز يرى طريقتهما في تناول الأمثال و بيان دلالاتها تفترق عن ما عرف بالتأويل أو التفسير الإشاري حيث يقفز صاحب التفسير الإشاري فوق ضوابط اللغة و دلالات الألفاظ و يتحدث عن مواجيد و أذواق و مشاعر من باب " الشيء بالشيء يذكر " و التي لا تصلح منهجاً جاداً لبيان معاني القرآن.

و هنا لا بد من طرح سؤال مهم يتعلق بمنهج النظر على أمثال القرآن:

هل هناك من مانع من اقتفاء أثر الشيخ الخولي و الدكتور دراز في شرح أمثال القرآن و استجلاء دلالاتها الأخلاقية و التربوية؟

وهل نستطيع القول أن ما قرره المفسرون و علماء البيان بشأن الأمثال هو كلام صحيح إذا تعلق بكلام الناس و أعمالهم الأدبية , أما القرآن الكريم فقد يكون من إعجازه و تفرده أن الأمثال فيه قد أحكمت و فصلت لتكون عناصر الأمثال و جزئيات صورها مقصودة و مناسبة لإستنباط المعاني و استخراج الدلالات؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015