وفي أحد تفاسير الكتاب المقدس (وعنوانه صلى الله عليه وسلم New Commentary on Holy Scripture, Including the صلى الله عليه وسلمpocrypha ) أن سفر "التكوين" لا يشتمل على المعلومات الصحيحة الخاصة بالبدايات الحقيقية للأرض نفسها أو تلك الخاصة بالإنسان والحضارة الإنسانية عليها. ومثال ذلك أن بدايات العالم والبشرية ترجع إلى زمن أبعد من التاريخ الذي ورد في سفر "التكوين" بمدى لا يمكن قياسه، وأن ترتيب ظهور المخلوقات على مسرح الوجود كما هو مذكور في الأصحاح الأول من سفر "التكوين" لا يتفق مع الحقائق الجيولوجية. بل إن هذا التفسير يضع سفر "التكوين" في مرتبة أدنى من الوثائق البابلية والمصرية القديمة التي تتضمن نفس الأحداث والشخصيات التاريخية.

وفي تفسير آخر للكتاب المقدس William Neil’s One Volume رضي الله عنهible Commentary أن مقاسات الفلك الذي صنعه نوح، كما وردت في الكتاب المقدس، وسعته من الداخل لا تتناسب أبدا مع الأعداد الغفيرة والمتنوعة لركابه، الذين كان عليهم أن يعيشوا فيه ويأكلوا، وأننا لو أخذنا ما جاء في سفر " التكوين " عن الفيضان على حرفيته لكان علينا أن نصدق أن هذا الفيضان قد غمر وجه البسيطة كلها بعمق خمسة أمتار، وهو ما لا علاقة له بالتاريخ البتة. ويرجع التفسير المذكورذلك إلى أنه لم تصلنا أية سجلات مكتوبة لتاريخ بني إسرائيل إلا بعد إبراهيم بألف عام، وأن ما هو مكتوب في سفر "التكوين" إنما كتب بعد ذلك بعدة قرون، ولذلك لا ينبغي أن نتوقع الدقة التاريخية بمعناها الحالي في هذه الأصحاحات لا في الأحداث ولا في الحوار. كذلك يذكر أن الصيغة الحالية للعهد القديم لا ترجع إلى أبعد من ثلاثمائة سنة قبل عيسى عليه السلام على أبكر تقدير، أي بعد تسعة قرون من حدوث من حدوث الوقائع التي يحكيها سفر "العدد". وهو ما يقوله تقريبا التفسير الذي سلفت الإشارة إليه، إذ يؤكد أنه لا يوجد حاليا أي عالم له أي حظ من الشهرة يعتقد أن التوراة، على ما هي عليه الآن، قد كتبها موسى.

أما إدوارد كلد فإنه يشير في كتابه Childhood of Religions إلى أنه حتى في ترجمة الكتاب المقدس إلى الإنجليزية توجد أخطاء بعضها متعمد، وبعض هذه كانت بأمر الملك نفسه، وأن هذه الأخطاء يجري تصحيحها من قبل العلماء الأثبات، وأن هناك إضافات (بالحروف المائلة) في الترجمة لم تكن في الأصل، وأن هذه الإضافات تجعل المعنى في بعض الأحيان غامضا.

وبعد فهذه مجرد أمثلة سريعة. ويمكن للقارئ الذي يريد الاستزادة أن يرجع بنفسه إلى الكتب المذكورة هنا وما أشارت إليه من مراجع، وكذلك إلى الكتاب القيم الذي ألفه د. موريس بوكاي ونشرته دار المعارف مترجما إلى العربية بعنوان " القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم – دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف العلمية الحديثة ".

والآن يثور السؤال الآتي: ماذا كان رد الفعل لدى المؤمنين بالكتاب المقدس بعد تعرية ما يتضمنه من أخطاء تاريخية وعلمية فادحة؟ إن عقيدة الكتاب المقدس تقوم على أن الوحي هو كلام الله لفظا ومعنى. ولكن المحدثين أصبحوا يعترفون بدور لكاتب الوحي في عملية التدوين. إنهم يفرقون بين الوحي من ناحية الشكل وبينه من ناحية المضمون. فمن الناحية الأولي يرون أنه خلق أدبي للكاتب. ومن الناحية الثانية يقولون إنه صادر عن الله. إن الوحي، في نظرهم، لا يلغي شخصية الكاتب، بل إن ظروفه تتدخل في الصياغة، ويمكن أن يقع تحريف في النص، ومن ثم فلابد، كما يقولون، من عملية النقد والتمحيص. وهو نفس ما قاله من قبل معجم Hook’s Church عز وجلictionary الذي يرى أن الأنبياء وكتبة الكتاب المقدس قد أدوا ما تلقوه من الوحي كما هو بدون أدنى خطإ (من الناحية اللاهوتية)، ولكن هذا لا يصدق على الأخطاء النحوية والعلمية.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015